×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الأول

أما أهل الإيمان فإنهم يسترون هذه الأمور ولا يظهرونها، ويصلحون بين الناس.

ولذلك قال عبد الله بن أُبَي لما بلغه قول المهاجري: «مَا مَثَلُهُمْ» أي: مثل المهاجرين، «إِلاَّ كَمَا قِيلَ: سَمِّنْ كَلْبَكَ يَأْكُلْكَ».

هكذا يقول - قَبَّحه الله -، ويعني: أننا أنفقنا عليهم وآويناهم، وهم أرادوا أن يترفعوا علينا، فنحن معهم كمن يغذي الكلب ليأكله. وكَذَب في هذا فإن الكلب أوفى منه!!

ثم قال: ﴿لَيُخۡرِجَنَّ ٱلۡأَعَزُّ، أي: من المدينة. ويعني بذلك نفسه؛ لأنه سيد قومه، ﴿مِنۡهَا ٱلۡأَذَلَّۚ، ويعني بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال الله عز وجل ردًّا عليه: ﴿وَلِلَّهِ ٱلۡعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِۦ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ، أي: أما المنافقون فلهم الذِّلة؛ لأن العزة إنما هي في الإيمان لا النفاق، وقال الله عز وجل: ﴿وَأَنتُمُ ٱلۡأَعۡلَوۡنَ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ [آل عمران: 139].

فالإسلام يعلو ولا يعلى عليه، والعزة الحقيقية إنما هي للمسلمين الصادقين، لا المنافقين الكاذبين.

وكان لابن أُبي ابن، اسمه عبد الله بن عبد الله بن أُبَي بن سَلول، وكان مؤمنًا صادق الإيمان.

فلما بَلَغه هذا الكلام عن أبيه، اخترط السيف، وتَعَجَّل حَتَّى أَنَاخَ عَلَى مَجَامِعِ طُرُقِ الْمَدِينَةِ، وَجَاءَ النَّاسُ يَدْخُلُونَ، فلما جاء أبوه ليدخل قال له: «دُونَكَ»، قَالَ لَهُ: «مَا لَكَ؟!» قَالَ: «وَاللَّهِ لاَ تَدْخُلُهَا حَتَّى يَأْذَنَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَتَعْلَمَ الْيَوْمَ مَنِ الأَْعَزُّ مِنَ الأَْذَلِّ!!»، فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ مِنْ بَيْنِ النَّاسِ؟! فَقَالَ: «نَعَمْ، أَنَا مِنْ بَيْنِ النَّاسِ!!». فَانْصَرَفَ عَبْدُ اللَّهِ حَتَّى لَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَاشْتَكَى إِلَيْهِ مَا صَنَعَ بِهِ


الشرح