والموت
آتٍ بلا شك ولا ريب، ما من أحد يقول: «ربما يتركني الموت».
﴿فَيَقُولَ
رَبِّ لَوۡلَآ أَخَّرۡتَنِيٓ إِلَىٰٓ أَجَلٖ قَرِيبٖ﴾
أي: أخرتني إلى مدة قصيرة!! لأجل أن يعمل عملاً صالحًا.
﴿فَأَصَّدَّقَ﴾؛ لأنه لم يعمل بقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَأَنفِقُواْ
مِن مَّا رَزَقۡنَٰكُم﴾،
ومضى عليه العمر وهو ما أنفق، فيريد أن يتدارك لَمَّا رأى الموت، يريد أن يستدرك
ما أهمله.
﴿وَأَكُن مِّنَ
ٱلصَّٰلِحِينَ﴾قال بعض المفسرين: ﴿فَأَصَّدَّقَ﴾: يُخْرِج الزكاة، ﴿وَأَكُن مِّنَ
ٱلصَّٰلِحِينَ﴾: أي: أحج. لأنه أمضى حياته،
وما أخرج الزكاة ولا حج حَجة الإسلام؛ لأنه مشغول بهذا المال.
والظاهر
أن الآية عامة، ﴿فَأَصَّدَّقَ﴾أي:
أُنْفِق. والزكاة من الإنفاق، ﴿وَأَكُن مِّنَ ٱلصَّٰلِحِينَ﴾،
أي: أعمل الأعمال الصالحة، وأول ذلك الحج؛ لأنه ركن من أركان الإسلام على الغَنِي.
قال
الله عز وجل ردًّا عليه: ﴿وَلَن يُؤَخِّرَ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِذَا جَآءَ
أَجَلُهَاۚ﴾ [المنافقون: 11]، أيّ نفس
إذا جاء أجلها فلن يؤخرها الله عن هذا الأجل. وما من ميت يموت إلاَّ ويندم: فإن
كان صالحًا يندم ألاَّ يكون قد ازداد من الأعمال الصالحة، وإن كان مسيئًا يندم
ألاَّ يكون تاب إلى الله عز وجل. لأن الإنسان إذا نزل به الموت وحضر - يرى أعماله،
ويرى خاتمته، ويرى ما أمامه من جنة أو نار.
فالعمل ينتهي بنزول الموت، فلو تاب إذا بلغت رُوحه الغرغرة، لا تُقبل توبته.