﴿وَٱللَّهُ
بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٌ﴾:
أي: يُبْصِر أعمالكم وتحركاتكم وسكناتكم، لا تَخْفَون عليه سبحانه وتعالى. فمهما
عملت فإن الله يبصرك في أي مكان، ولا تظن أنك تَخْفَى على الله سبحانه وتعالى في
أي مكان كنت، وإن كنت تُخْفِي على الناس، فإنك لا تُخْفِي على الله عز وجل، ﴿وَمَا يَخۡفَىٰ
عَلَى ٱللَّهِ مِن شَيۡءٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِي ٱلسَّمَآءِ﴾ [إبراهيم: 38].
ثم
قال سبحانه وتعالى: ﴿خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ﴾ [التغابن: 3]، هذا تعميم بعد تخصيص، فهو سبحانه وتعالى
خَلَق الإنسان، وخَلَق ما هو أعظم من الإنسان، وهو السماوات والأرض. قال سبحانه
وتعالى: ﴿لَخَلۡقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ
وَٱلۡأَرۡضِ أَكۡبَرُ مِنۡ خَلۡقِ ٱلنَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا
يَعۡلَمُونَ﴾ [غافر: 57].
﴿بِٱلۡحَقِّ﴾، فهو سبحانه وتعالى لم يَخلق السماوات والأرض عبثًا، لا
نتيجة ولا ثمرة له، وإنما خَلَقها بالحق، لا بالباطل ولا بالعبث واللعب، قال
سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا خَلَقۡنَا ٱلسَّمَآءَ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا
بَيۡنَهُمَا بَٰطِلٗاۚ ذَٰلِكَ ظَنُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ فَوَيۡلٞ لِّلَّذِينَ
كَفَرُواْ مِنَ ٱلنَّارِ﴾
[ص: 27]، وقال: ﴿وَمَا خَلَقۡنَا ٱلسَّمَآءَ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا
بَيۡنَهُمَا لَٰعِبِينَ﴾
[الأنبياء: 16].
فخَلَق
سبحانه وتعالى السموات والأرض لحكمة ولغاية، ولمصالح العباد، ولتكون أدلة على
وحدانيته سبحانه وتعالى وعلى قدرته، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَكَأَيِّن
مِّنۡ ءَايَةٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ يَمُرُّونَ عَلَيۡهَا وَهُمۡ عَنۡهَا
مُعۡرِضُونَ﴾ [يوسف: 105]. يَنظرون إلى
الأرض، ويَنظرون إلى السماء، ولا يعتبرون بخلقتها وعجائبها، ويستدلون بذلك على
قدرة الله سبحانه وتعالى، ويشكرونه على فضله وإحسانه.
﴿وَصَوَّرَكُمۡ فَأَحۡسَنَ صُوَرَكُمۡۖ﴾، أي: جَمَّل أشكالكم. فالصورة هي: الشكل الذي يكون عليه الشيء، فـ«صورة كل شيء»: شكله الذي