يكون
عليه. وقد أحسن سبحانه وتعالى صور المخلوقات والدواب. وصورة الإنسان هي أجمل
الصور؛ كما قال سبحانه وتعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡإِنسَٰنُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلۡكَرِيمِ
٦ ٱلَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّىٰكَ فَعَدَلَكَ ٧ فِيٓ أَيِّ صُورَةٖ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ ٨﴾ [الانفطار: 6- 8].
فلو
نَظَر الإنسان إلى صورته وشكله لتَعَجَّبَ من ذلك، لكنه غافل حتى عن نفسه، قال
سبحانه وتعالى: ﴿وَفِي ٱلۡأَرۡضِ ءَايَٰتٞ لِّلۡمُوقِنِينَ ٢٠ وَفِيٓ أَنفُسِكُمۡۚ أَفَلَا تُبۡصِرُونَ ٢١﴾ [الذاريات: 20، 21].
ثم
قال سبحانه وتعالى: ﴿وَإِلَيۡهِ ٱلۡمَصِيرُ﴾:
ليس خَلْق هذا الإنسان على هذا الشكل والتركيب العجيب عبثًا، بل إنه سيصير إلى
الله عز وجل، ويحاسبه ويجازيه، فالإنسان لم يُخْلَق ليَشرب، ويَملك على هذه الأرض
ويتسلط، ثم يَذهب ويُنسى. أبدًا.
فهذا
الإنسان الذي اعتنى الله سبحانه وتعالى به هذه العناية، وأنعم عليه هذه النعم،
وسَخَّر له كل شيء - له شأن عند الله عز وجل، ويصير إلى الله، ويبعثه الله بعد
الموت، ويجازيه على أعماله وتصرفاته.
﴿وَإِلَيۡهِ
ٱلۡمَصِيرُ﴾: أي: مصير كل المخلوقين،
الكفرة والمؤمنين، وكلهم يصيرون إلى الله سبحانه وتعالى، المحسن والمسيء، كلهم
مَرَدُّهم إلى الله عز وجل.
ثم
قال سبحانه وتعالى: ﴿يَعۡلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَيَعۡلَمُ
مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعۡلِنُونَۚ﴾
[التغابن: 4]، عِلْمه سبحانه وتعالى محيط بكل شيء، فهو عالٍ فوق مخلوقاته، وعِلْمه
في كل مكان؛ كما قال الشاعر:
وَمِنْ عِلْمِهِ لَمْ يَخْلُ فِي الأَرْضِ مَوْضِعُ
﴿مَا تُسِرُّونَ﴾، أي: تخفونه.