×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الأول

﴿فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ، فمَن وقاه الله سبحانه وتعالى شح نفسه فهو المفلح، ومَن تغلبت عليه نفسه فهو الخاسر.

ولهذا كان عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه يطوف بالبيت، ولا يَزيد على قوله: «اللَّهُمَّ قِنِي شُحَّ نَفْسِي» ([1])؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال: ﴿وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفۡسِهِۦ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ [التغابن: 16].

ثم قال سبحانه وتعالى: ﴿إِن تُقۡرِضُواْ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا، سَمَّى الله الإنفاق في سبيله وعلى عبيده المحتاجين - قرضًا؛ لأنه سبحانه يرده على صاحبه مضاعفًا.

و«(القرض» هو: أن تَدفع مالاً لمن ينتفع به، ثم يَرُد عليك بدله. والله يَرُد عليك خيرًا منه وأكثر.

فالإنفاق في سبيل الله سبحانه وتعالى مخلوف، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَمَآ أَنفَقۡتُم مِّن شَيۡءٖ فَهُوَ يُخۡلِفُهُۥۖ وَهُوَ خَيۡرُ ٱلرَّٰزِقِينَ [سبأ: 39].

فهو قرض تقرضه الله سبحانه وتعالى ويَرُده عليك أضعافًا مضاعفة في الدنيا والآخرة؛ ولهذا قال: ﴿يُضَٰعِفۡهُ لَكُمۡ، أضعافًا كثيرة، الحسنة بعشر أمثالها إلى سَبعمِائة، إلى أضعاف كثيرة لا يعلمها إلاَّ الله، قال سبحانه وتعالى: ﴿مَّثَلُ ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنۢبَتَتۡ سَبۡعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنۢبُلَةٖ مِّاْئَةُ حَبَّةٖۗ وَٱللَّهُ يُضَٰعِفُ لِمَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٌ [البقرة: 261]، فالحبة الواحدة تصير سَبعمِائة حبة، هذا مَثَل المنفق في سبيل الله سبحانه وتعالى.

﴿وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡۚ، ذنوبكم؛ بسبب ما تنفقون في وجوه الخير.

﴿وَٱللَّهُ شَكُورٌ، بمعنى: أنه يعطي الجزاء الجزيل على العمل القليل.


الشرح

([1])  انظر: تفسير الطبري (23/ 286)، وتفسير ابن كثير (8/ 102)، وتفسير القرطبي (18/ 30).