ثم
قال سبحانه وتعالى: ﴿لِّكَيۡلَا تَأۡسَوۡاْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمۡ وَلَا
تَفۡرَحُواْ بِمَآ ءَاتَىٰكُمۡۗ﴾
[الحديد: 23].
أي:
أخبرناكم بذلك، ﴿لِّكَيۡلَا تَأۡسَوۡاْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمۡ وَلَا
تَفۡرَحُواْ بِمَآ ءَاتَىٰكُمۡۗ﴾
[الحديد: 23]؛ لتعلموا أن هذا من قضاء الله وقدره، وأنه لابد من نفوذه وأنه بسبب
ذنوبكم. ولكيلا تفرحوا بما آتاكم من النعم، فتبطروا وتفخروا وتتكبروا، بل اشكروا
الله سبحانه وتعالى.
فالمؤمن
يصبر عند المصيبة، ويشكر عند النعمة. أما غير المؤمن، فإنه يجزع عند المصيبة،
ويبطر عند النعمة.
ومفهوم
الآية: أن مَن لا يؤمن بالله سبحانه وتعالى عند نزول المصيبة،
فإن الله يُضِل قلبه؛ ولذلك يلوم نفسه ويلوم الناس، ويجزع ويسخط أو يحلق شعره من
المصيبة، وقد ينتحر.
فالذي
ليس عنده إيمان إذا أصابته شدة أو ضائقة، فإنه يَقتل نفسه من الجزع، فيزاد بلاء
على بلاء، ويبادر بنفسه إلى النار، كما في الحديث ([1]).
وأما
المؤمن فإنه يرضى ويقول: ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ إِلَيۡهِ رَٰجِعُونَ﴾، كما قال سبحانه وتعالى: ﴿ٱلَّذِينَ
إِذَآ أَصَٰبَتۡهُم مُّصِيبَةٞ قَالُوٓاْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ إِلَيۡهِ
رَٰجِعُونَ ١٥٦ أُوْلَٰٓئِكَ
عَلَيۡهِمۡ صَلَوَٰتٞ مِّن رَّبِّهِمۡ وَرَحۡمَةٞۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُهۡتَدُونَ
١٥٧﴾ [البقرة: 156- 157].
قال سبحانه وتعالى: ﴿وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٞ﴾، يَعلم تصرفاتكم عند المصائب، ويَعلم مَن يصبر، ومَن يجزع ويسخط، ويجازي سبحانه وتعالى كلًّا بعمله.
([1]) إشارة إلى الحديث الذي أخرجه: البخاري رقم (3463) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ بِهِ جُرْحٌ، فَجَزِعَ، فَأَخَذَ سِكِّينًا فَحَزَّ بِهَا يَدَهُ، فَمَا رَقَأَ الدَّمُ حَتَّى مَاتَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: بَادَرَنِي عَبْدِي بِنَفْسِهِ، حَرَّمْتُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ».