وهذا
يدل على: وجوب الامتثال لأمر الله عز وجل وعدم مخالفته، وأن من
خالفه سبحانه وتعالى فلينتظر العقوبة، كما حل ذلك بمن قبلنا من أهل القرى.
والمراد
بالقرية: السكان. فـ«القرية» تطلق على الاجتماع. وليس المراد
بالقرية: المباني. قال عز وجل: ﴿وَسَۡٔلِ ٱلۡقَرۡيَةَ ٱلَّتِي كُنَّا فِيهَاَ﴾ [يوسف: 82]، وليس المعنى: اسأل البنيان. بل اسأل الناس
الذين يسكنون القرية ([1]).
﴿عَتَتۡ عَنۡ
أَمۡرِ رَبِّهَا﴾، أي: عصت
أمر الله سبحانه وتعالى وخالفته وتمردت عليه.
فالله
عز وجل عاقبهم، وهذا شيء واضح فيمن كان قبلنا ممن قصه الله سبحانه وتعالى علينا من
الأمم السابقة، وكذلك من آثارها الباقية من الديار والخراب، فآثار الهالكين تدل
على عقوبة الله سبحانه وتعالى.
﴿وَرُسُلِهِۦ﴾، أي: وخالفت الرسل وعصتهم؛ كقوم نوح عليه السلام، وعاد
ثمود، وقوم إبراهيم عليه السلام، وأصحاب مَدْيَن والمُؤتفِكات... وغيرهم من الأمم
السابقة الذين خالفوا الرسل وعَصَوْهم، وخالفوا الله عز وجل، ماذا حل بهم؟ وأين
هم؟، ولم يَبْقَ إلاَّ من آمن بالله سبحانه وتعالى ورسوله، ﴿وَٱلۡعَٰقِبَةُ
لِلۡمُتَّقِينَ﴾ [الأعراف: 128].
قال
عز وجل: ﴿فَحَاسَبۡنَٰهَا
حِسَابٗا شَدِيدٗا﴾، حاسب
الله سبحانه وتعالى أهل القرى على النعم؛ لأن هذه النعم لا تَذهب هَدَرًا، فلابد
لها من حساب.
قال
عز وجل: ﴿فَحَاسَبۡنَٰهَا
حِسَابٗا شَدِيدٗا﴾، حسابًا
شديدًا في الدنيا والآخرة. وعذاب في الدنيا بما أحل الله بهم في الدنيا من العقوبة
والهلاك.
قال
عز وجل: ﴿وَعَذَّبۡنَٰهَا
عَذَابٗا نُّكۡرٗا﴾، في
الآخرة.
وكأن في الكلام تقديمًا وتأخيرًا - والله أعلم -.
([1]) انظر: تفسير الطبري (3/ 339).