﴿ٱلۡحَكِيمُ﴾، الذي يضع الأمور في مواضعها سبحانه وتعالى.
ثم
تتحول الآيات وتنتقل إلى قضية أخرى، ويتجه فيها العتاب من الله سبحانه وتعالى إلى
أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.
قال
عز وجل: ﴿وَإِذۡ أَسَرَّ
ٱلنَّبِيُّ إِلَىٰ بَعۡضِ أَزۡوَٰجِهِۦ حَدِيثٗا﴾
[التحريم: 3]، وهي: حفصة رضي الله عنها. فقد أَسَرَّ إليها صلى الله عليه وسلم أنه
حَرَّم مارية رضي الله عنها، ولم يخبر غيرها بذلك. وأخبر صلى الله عليه وسلم أن
أبا بكر وعمر رضي الله عنهما سيتوليان الأمر من بعده.
فأَسَرَّ
إليها هذين الأمرين واستكتمها هذا السر، لكنها رضي الله عنها أخبرت بذلك عائشة رضي
الله عنها.
﴿فَلَمَّا
نَبَّأَتۡ بِهِۦ﴾، أي:
أخبرت به عائشة رضي الله عنها.
﴿وَأَظۡهَرَهُ
ٱللَّهُ عَلَيۡهِ﴾، أطلعه
الله سبحانه وتعالى على ما حصل من حفصة رضي الله عنها مع عائشة رضي الله عنها.
مع
أن حفصة لم تذكره لأحد غير عائشة، وعائشة - أيضًا - لم تذكره لأحد.
ولما
وصل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، ﴿عَرَّفَ بَعۡضَهُۥ وَأَعۡرَضَ عَنۢ بَعۡضٖۖ﴾ [التحريم: 3]، فإنه صلى الله عليه وسلم عاتب حفصة رضي
الله عنها لكونها أخبرت بهذا.
وتعجبت
حفصة رضي الله عنها، كيف ظهر الرسول صلى الله عليه وسلم على هذا الخبر مع أنه لم
يتعدَّ عائشة؟!
قال
عز وجل: ﴿فَلَمَّا
نَبَّأَهَا بِهِۦ قَالَتۡ مَنۡ أَنۢبَأَكَ هَٰذَاۖ﴾
[التحريم: 3] أي: مَن أخبرك أنني أخبرت بما نبأتني به مع أنه لم يَظهر الخبر؟!
﴿قَالَ
نَبَّأَنِيَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡخَبِيرُ﴾
[التحريم: 3]، أي: الله أخبرني بما حصل.
﴿ٱلۡعَلِيمُ﴾، الذي لا يَخفى عليه شيء، ﴿ٱلۡخَبِيرُ﴾، بما يحصل من عباده. فهذا يدل على: سَعة علم الله سبحانه وتعالى بكل شيء، وما يُسِرون وما يعلنون.