وإنما مَن تَنَقَّص الرسول
أو سبه صلى الله عليه وسلم، فإنما يضر نفسه في كل زمان ومكان.
ثم
إنه سبحانه وتعالى وَجَّه الخطاب مرة ثانية إلى زوجتَي الرسول صلى الله عليه وسلم
اللتين حصل منهما ما حصل، فقال عز وجل: ﴿عَسَىٰ رَبُّهُۥٓ﴾،
أي: الرسول صلى الله عليه وسلم.
و
﴿عَسَىٰ﴾ من الله سبحانه وتعالى واجبة.
وقال:
﴿رَبُّهُۥٓ﴾، وهو رب جميع الخلق، لكن ربوبيته للنبي صلى الله عليه
وسلم خاصة بالنصر.
﴿إِن طَلَّقَكُنَّ﴾، هذا تهديد لهن، في أنهن إن استمررن على عملهن مع
الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنه صلى الله عليه وسلم سيطلقهن عقوبة لهن، ويُحْرَمن
من شرف كونهن أمهات المؤمنين، ومن كونهن زوجاته في الجنة.
﴿أَن
يُبۡدِلَهُۥٓ أَزۡوَٰجًا خَيۡرٗا مِّنكُنَّ﴾
[التحريم: 5]، فهذا من نصره سبحانه وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم، في أنه
يبدله خيرًا من أزواجه اللاتي طلقهن، وأن يعوضه الله سبحانه وتعالى خيرًا منهن،
وأن يكن هن الخاسرات.
ثم
وَصَف الله سبحانه وتعالى الأزواج البديلات بصفات عظيمة، فقال سبحانه وتعالى: ﴿مُسۡلِمَٰتٖ
مُّؤۡمِنَٰتٖ﴾ [التحريم: 5]، ومعلوم أنه
إذا ذُكِر الإسلام والإيمان، صار لكل واحد معنى، وإذا ذُكِر واحد منهما دون الآخَر
دخل فيه الآخَر.
فـ«الإسلام» هو: الأعمال الظاهرة، كما فسره النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الطويل مع جبريل عليه السلام، حيث قال: «الإِْسْلاَمُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَتُقِيمَ الصَّلاَةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلاً» ([1]).
([1]) أخرجه: مسلم رقم (8).