﴿سَٰٓئِحَٰتٖ﴾ فُسِّر بأن المراد به: الصائمات؛ لأن السائح مثل
الصائم، يَترك الطعام والشراب والملذات. فهذا هو وجه تسمية الصيام بالسياحة.
والسياحة هي: الجَوَلان في الأرض، ﴿فَسِيحُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ﴾
[التوبة: 2].
وقيل:
﴿سَٰٓئِحَٰتٖ﴾، أي: مهاجرات. وهذا فيه فضل الهجرة في سبيل الله سبحانه
وتعالى.
﴿ثَيِّبَٰتٖ
وَأَبۡكَارٗا﴾، «الثيب» هي: التي سبق لها
أن تزوجت، وزالت بكارتها بوَطء الزوج لها. وأما «البِكر» فهي: التي لم يسبق لها أن
تزوجت، وبقيت فيها بكارتها ([1]).
وفي
هذا التنويع من ثيبات وأبكار كرامة للرسول صلى الله عليه وسلم، بأن يكون عنده
أنواع من الزوجات. وفيه تعويض للرسول صلى الله عليه وسلم عن هؤلاء النسوة اللاتي
حصل منهن شيء في حقه صلى الله عليه وسلم.
فالحاصل:
أن هذه السورة عظيمة؛ لما فيها من إجلال لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفيها:
أن مَن سَب الرسول أو تَنَقَّصه أو آذاه صلى الله عليه وسلم، فإنه مهزوم وخاسر،
قال سبحانه عز وجل: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤۡذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ
لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمۡ عَذَابٗا
مُّهِينٗا﴾ [الأحزاب: 57].
فأذية رسول الله صلى الله عليه وسلم ليست كأذية غيره من البشر، والكذب عليه ليس كالكذب على غيره. إن كانت أذية غيره محرمة، قال عز وجل: ﴿وَٱلَّذِينَ يُؤۡذُونَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ بِغَيۡرِ مَا ٱكۡتَسَبُواْ فَقَدِ ٱحۡتَمَلُواْ بُهۡتَٰنٗا وَإِثۡمٗا مُّبِينٗا﴾ [الأحزاب: 58].
([1]) انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 231)، ولسان العرب (1/ 248)، وتاج العروس (2/ 115).