×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الأول

﴿وَقِيلَ، لهما إما عند الموت، أو أنه سيقال لهما يوم القيامة. وعَبَّر سبحانه وتعالى عن المستقبل بصيغة الماضي؛ لتحقق وقوعه.

وهذا فيه أن الإنسان لا ينفعه إلاَّ عمله ولا يضره إلاَّ عمله، ولا يضره عمل غيره ولا ينفعه عمل غيره، قال عز وجل، ﴿تِلۡكَ أُمَّةٞ قَدۡ خَلَتۡۖ لَهَا مَا كَسَبَتۡ وَلَكُم مَّا كَسَبۡتُمۡۖ وَلَا تُسۡ‍َٔلُونَ عَمَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ [البقرة: 134].

ففيه رَدٌّ على الذين يعتمدون على الصالحين، ويقولون: «إن هؤلاء يشفعون لنا عند الله سبحانه وتعالى، ونحن مذنبون، وهم ينفعوننا عند الله سبحانه وتعالى !!».

هذا رَدٌّ عليهم، أن الإنسان لا ينفعه إلاَّ عمله، ولا ينفعه عمل غيره ولا بالشفاعة، ولو كان نبيًّا من أنبياء الله، ما دام أنه غير مؤمن فلا تنفعه شفاعة الشافعين.

فمَن كان على دين الكفار، أو لا يتبرأ من دين الكفار ولا يبغضه، ويقول: «إن الناس كلهم سواء وأحرار في عقائدهم، وكُلٌّ له قناعته»، فهذا قول فيه إلحاد؛ لأنه بذلك يُسوِّي بين المؤمن والكافر، ويُسوِّي بين عقيدة التوحيد وعقيدة الشرك، ويقول: «كُلٌّ له قناعته»، و«كُلٌّ له رأيه».

فالمسألة ليست مسألة رأي وقناعة، لأن الله لم يكلنا إلى عقولنا أو آرائنا، وإنما أَرسل إلينا الرسل وأَنزل علينا الكتب؛ ليُبيِّن لنا سبيل النجاة، فمَن حاد عن دين الرسل فإنه من أهل النار كائنًا مَن كان.

فقد ذَكَر سبحانه وتعالى ابن نوح عليه السلام، وما صار بينه وبين أبيه من المحاورة في حالة الطوفان، وأن الله سبحانه وتعالى عزل ابن نوح عنه، وصار مع الكفار وغرق، فلم ينفعه أنه ابن نبي من أنبياء الله ورسول من رسل الله سبحانه وتعالى، لما خالف دين أبيه، دين التوحيد، وهو على دين الكفار مع الكفار، ﴿وَحَالَ بَيۡنَهُمَا ٱلۡمَوۡجُ فَكَانَ مِنَ ٱلۡمُغۡرَقِينَ [هود: 43].


الشرح