وخرجت القرعة لزكريا عليه
السلام، وكان زوج خالتها، فكفلها عليه السلام، وذلك بتيسير الله لمريم ﴿فَتَقَبَّلَهَا
رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٖ وَأَنۢبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنٗا وَكَفَّلَهَا
زَكَرِيَّاۖ﴾ [آل عمران: 37].
فنشأت
عنده، ولما كَبِرت وبَلَغت مبلغ النساء، جعلت بينها وبينهم ساترًا يسترها عن
الرجال، قال عز وجل: ﴿فَٱتَّخَذَتۡ مِن دُونِهِمۡ حِجَابٗا﴾ [مريم: 17]، والحجاب: ما يَستر المرأة عن الرجل من جدار
أو باب أو نحوه.
وفيه
دليل على: وجوب الحجاب للمرأة، وتحريم الاختلاط بين الرجال
والنساء الذي ينادي به اليوم الأشقياء منا وينادون بخلع الحجاب؛ ليُهلكوا قومهم
ويَجروا مجتمعهم إلى الهاوية!! كفانا الله شرهم ورَدَّ كيدهم في نحورهم.
فإنهم
يقولون: «هذه عنصرية ضد المرأة، وهذا ظلم للمرأة، والمرأة إنسان، ولها حق، اجعلوها
تختلط مع الرجال من غير حجاب، ولا دليل على منع الاختلاط، ولا دليل على وجوب
الحجاب، وفيه خلاف بين العلماء...» وما أشبه هذه التُّرَّهات الباطلة.
قال
الله عن مريم: ﴿فَٱتَّخَذَتۡ
مِن دُونِهِمۡ حِجَابٗا﴾
[مريم: 17]، تستتر من ورائه وتعبد ربها.
ولما اعتزلت الرجال وصارت من وراء الحجاب، صار يأتيها رزقها من عند الله سبحانه وتعالى يوميًّا، وهذا من كرامات الأولياء، قال عز وجل: ﴿كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيۡهَا زَكَرِيَّا ٱلۡمِحۡرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزۡقٗاۖ قَالَ يَٰمَرۡيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَاۖ قَالَتۡ هُوَ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِۖ إِنَّ ٱللَّهَ يَرۡزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيۡرِ حِسَابٍ﴾ [آل عمران: 37].