تحركك؛ تمشي بها
وتقعد هل تراها، والعقل موجود ومع هذا لا تراه.
الحاصل؛ أنه ما كل
شيء موجود لا بد أننا نراه، هناك أشياء كثيرة وكثيرة وكثيرة لا نراها، وربما تكون
تعيش معنا، ولله الحِكمة سبحانه وتعالى، ومن ذلك ﴿ٱلۡجِنَّ﴾ وهم عالم عظيم، إلاَّ أننا لا نراهم، وهم مكلَّفون مثل الإنس.
وأما ﴿ٱلۡإِنسَ﴾ معناها: بنو آدم، من الاسئتناس؛ لأنهم يأنس بعضهم ببعض، ويألف بعضهم
بعضًا.
الله سبحانه وتعالى
بَيَّن لنا الحِكمة من خلقه الثقلين: الجن والإنس، وهي: أنه إنما خلقهم لشيء واحد،
وهو: العبادة، ولهذا جاء بالحصر ﴿وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا
لِيَعۡبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56] حَصَر الحِكمة من
خلق الجن والإنس في شيء واحد وهو: أنهم يعبدونه، فالحِكمة من خلق المخلوقات هي:
عبادة الله سبحانه وتعالى، خلق الله الجن والإنس للعبادة، وخلق كل الأشياء
لمصالحهم، سَخَّرها لهم ليستعينوا بها على عبادته سبحانه وتعالى.
ومعنى ﴿لِيَعۡبُدُونِ﴾ أي: يُفردوني
بالعبادة، أو تقول بعبارة أخرى: ﴿لِيَعۡبُدُونِ﴾ ليوحِّدوني؛ لأن التَّوحيد والعبادة شيء واحد.
ومع كونه سبحانه
وتعالى خلقهم لعبادته؛ فمنهم من قام بالعبادة وعَبَد اللهَ، ومنهم من لم يعبد
الله؛ إذ لا يلزم من كونه خلقهم لعبادته أن يعبدوه كلهم، بل يعبده من شاء الله
سبحانه وتعالى له الهداية، ويكفر به من شاء الله له الضلالة، ومعنى: ﴿إِلَّا
لِيَعۡبُدُونِ﴾ أي: إلَّا لآمرهم بعبادتي،
أو لآمرهم وأنهاهم، كما قال - تعالى -: ﴿أَيَحۡسَبُ ٱلۡإِنسَٰنُ أَن يُتۡرَكَ سُدًى﴾ [القيامة: 36] أي: لا يؤمر ولا يُنَهى.