×
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد الجزء الأول

وما دام أن الله سبحانه وتعالى خلق الثقلين لعبادته فهذا يدل على أن العبادة هي الأصل، وأن التَّوحيد هو الأصل والأساس.

ثم قال جل وعلا: ﴿مَآ أُرِيدُ مِنۡهُم مِّن رِّزۡقٖ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطۡعِمُونِ [الذاريات: 57] هذا فيه بيان أن الله جل وعلا ليس بحاجة إلى عبادتهم، وإنما هم المحتاجون إلى عبادة الله ﴿مَآ أُرِيدُ مِنۡهُم مِّن رِّزۡقٖ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطۡعِمُونِ ٥ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلۡقُوَّةِ ٱلۡمَتِينُ ٥ [الذاريات: 57- 58]، فالله خلق الثقلين لعبادته، ولكنه جل وعلا ليس محتاجًا إلى عبادتهم، إذًا من هو المحتاج إلى العبادة؟ هم العباد أنفسهم.

ولهذا قال: ﴿وَقَالَ مُوسَىٰٓ إِن تَكۡفُرُوٓاْ أَنتُمۡ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ [إبراهيم: 8]، فالله لا تضره معصية العاصي، ولا تنفعه طاعة المطيع، وإنما الطاعة تنفع صاحبها، والمعصية تضر صاحبها، قال - تعالى -: ﴿إِن تَكۡفُرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمۡۖ وَلَا يَرۡضَىٰ لِعِبَادِهِ ٱلۡكُفۡرَ [الزمر: 7] وفي الحديث القدسي، أن الله سبحانه وتعالى يقول: «يَا عِبَادِي، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ، مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا»، وفي ختام الحديث العظيم، قال: «يَا عِبَادِي، إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا، فَلْيَحْمَدِ اللهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ، فَلاَ يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ» ([1]).


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2577).