وقوله: ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ
إِلَّآ إِيَّاهُ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنًاۚ﴾ [الإسراء: 23] الآية.
****
قوله: «وقوله: ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ
إِلَّآ إِيَّاهُ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنًاۚ﴾» القضاء له عِدة معان؛ منها: القضاء والقدر، ومنها: الحُكم والشرع، ومنها:
الأخبار ﴿وَقَضَيۡنَآ إِلَىٰ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ﴾ [الإسراء: 4] يعني: أخبرناهم، ومنها: الفراغ ﴿فَقَضَىٰهُنَّ سَبۡعَ سَمَٰوَاتٖ﴾ [فصلت: 12] ﴿فَإِذَا قَضَيۡتُمُ ٱلصَّلَوٰةَ﴾ [النساء: 103] يعني: فرغتم منها،
فالقضاء له عِدة إطلاقات، المراد منها هنا: الأمر والشرع، و ﴿وَقَضَىٰ﴾ معناه: شرع ﴿أَلَّا
تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُ﴾، والله لم يشرع
عبادة غيره أبدًا، لم يشرع عبادة الأصنام، ولم يشرع عبادة الأولياء والصالحين، ولم
يشرع عبادة الأضرحة والقبور، ولم يشرع عبادة الأشجار والأحجار أبدًا، هذا شرعه
الشيطان، أما شرع الله فهو عبادة الله - سبحانه -.
وهذا هو معنى «لا
إله إلَّا الله» ﴿أَلاَّ تَعْبُدُوا﴾ هذا نفي، ﴿إِلاَّ إِيَّاهُ﴾ هذا إثبات، هو معنى
«لا إله إلاّ الله» تمامًا.
ولما أمر بحقه -
سبحانه - أمر بحق الوالدين: ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ
إِحْسَاناً﴾ فيأتي حق الوالدين بعد حق الله سبحانه وتعالى مباشرة؛
لأن الوالدين هما أعظم محسِن عليك بعد الله - سبحانه - ومعنى ﴿إِحْسَاناً﴾ يعني: أحسن إليهما
كما أحسنا إليك.
والشاهد من الآية: ﴿وَقَضَىٰ
رَبُّكَ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُ﴾ هذا يفسِّر التَّوحيد، وهو: عبادة الله وترك عبادة ما سواه، هذا هو
التوحيد، أما عبادة الله بدون ترك عبادة ما سواه، فهذا لا يُسمَّى توحيدًا؛