وقوله: ﴿وَٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُشۡرِكُواْ
بِهِۦ شَيۡٔٗاۖ﴾ [النساء: 36] الآية.
****
فالمشركون يعبدون
الله ولكنَّهم يعبدون معه غيره، فصاروا مشركين، فليس المهم أن الإنسان يعبد الله
فقط، بل لا بد أن يعبد الله ويترك عبادة ما سواه وإلَّا لا يكون عابدًا لله ولا
موحِّدًا، فالذي يصلي ويصوم ويحج ولكنه لا يترك عبادة غير الله ليس بمسلم، ولا
تنفعه صلاته ولا صيامه ولا حجَّه؛ لأنه لم يتمثل قوله - تعالى -: ﴿أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ﴾ [النحل: 36]، ﴿وَقَضَىٰ
رَبُّكَ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُ﴾ يعني: لا تعبدوا معه غيره، وفي الحديث القدسي عن الله سبحانه وتعالى أنه
يقول: «أَنَا أَغنَى الشُّرَْكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلاً
أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي، تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ» ([1])، وفي رواية: «فَهُوَ
لِلَّذِي أَشْرَكَ، وَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ» ([2]).
والآية الرابعة: ﴿وَٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡٔٗا﴾ الآيات على نَسَق واحد، يعني: منهجها واحد: ﴿وَٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡٔٗا﴾ مثل: ﴿أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ﴾تمامًا؛ لأنها تخرج من مِشكاة واحدة ﴿وَٱعۡبُدُواْ ٱللَّه﴾ هذا أمر من الله سبحانه وتعالى بعبادته ﴿وَلَا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡٔٗا﴾ هذا نهي عن الشرك، وهذا هو معنى «لا إله إلَّا الله»، لأن «لا إله إلَّا الله» معناها: نفي الشرك وإثبات العبادة لله عز وجل، ومعنى أي: ﴿وَٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ﴾ أخلصوا له العبادة، والعبادة لا بد من معرفة معناها، هي: الذل والخضوع، هذا أصلها، في اللغة، يقال: طريق معبَّد يعنى: طريق ذلَّلته الأقدام بوطئها.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2985).