وقد جاء في الحديث:
أن النبي صلى الله عليه وسلم صعِدَ المنبر فقال: «آمِينَ، آمِينَ، آمِينَ»،
ثم قال لأصحابه: «إِنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام عَرَضَ لَي فَقَالَ: يَا
مُحَمَّدُ، مَنْ أَدَركَ شَهْرَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَمَاتَ فَدَخَلَ
النَّارَ، قُلْ: آمِينْ، قُلْتُ: آمِينْ، قَالَ: يَا مُحَمَّدُ مَنْ أدْرَكَ
أَبَويهِ أَوْ أَحَدَهُمَا وَلَمْ يُدْخِلاَهُ الْجَنَّةَ فَمَاتَ فَدَخَلَ
النَّارَ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ، قَالَ: يَا مُحَمَّدُ مَنْ ذُكِرْتَ
عِنْدَه فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ، قُلْ: آمِينَ،
فَقُلْتُ: آمِينَ» ([1])؛ الشاهد من هذا:
أن من أدرك أبويه - أو أحدهما - فلم يَبَرَّهما فمات دخل النار بسبب العقوق دعا
عليه جبريل بدخوله النار وأَمَّن على ذلك محمدٌ صلى الله عليه وسلم.
هذا الإحسان إليهما
في حال الحياة.
أما الإحسان إليهما بعد الموت فقد سُئل عنه النبي صلى الله عليه وسلم، حيث سأله رجلٌ، فقال: يا رسول الله هَلْ بَقِيَ مِنْ بِرِّ أَبَوَيَّ شَيْءٌ أَبَرُّهُمَا بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِمَا؟، قال: «أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِمَا مَعَ صَلاَتِكَ» يعني: تدعو لهم إذا دعوت لنفسك، «وَإِنْفَاذُ عَهْدِهِمَا»؛ يعني: الوصية التي أوصيا بها، «وَصِلَةُ الرَّحِمِ الَّتِي لاَ تُوصَلُ إِلاَّ بِهِمَا، وَإِكْرَامُ صَدِيقِهِمَا» ([2])، إذا كان لوالدك صديق أو لأمك صديقة فأكرم هذا الصديق؛ لأن إكرام صديق والدك أو صديقة والدتك إكرامٌ لوالديك؛ هذا ما يبقى من البر بعد وفاة