فإذا كانت الأسباب محرَّمة فكيف بنفس الفواحش؟ تكون أشدَّ تحريمًا ﴿مَا ظَهَرَ﴾ يعني: ما رآه الناس في الأسواق وفي الدكاكين وفي المجمَّعات. ﴿وَمَا بَطَنَ﴾ المعاصي الخفية في البيوت، وفي المحلاَّت المستورة؛ فالمؤمن يتَّقي الله عز وجل ظاهرًا وباطنًا، يتقي الله في الشارع ويتَّقي الله في البيت، يتقي أين ما كان، يتَّقي الله في النهار ويتَّقيه في الليل، يتَّقيه في الضياء ويتَّقيه في الظُّلمة؛ لأنه دائمًا معه - سبحانه -، لا يخفى عليه.
فليس المقصود أن الإنسان يتجنَّب المعاصي الظاهرة فقط، وأما إذا خلا فإنه مسموحٌ له؟ لا. الحرام حرام على أي حال، والرب هو الرب - سبحانه - مطَّلع في سائر الأحوال ظاهرًا وباطنًا لا يخفى عليه شيء سبحانه وتعالى، مهما حاولتم التستُّر فإنكم لا تخفون على الله سبحانه وتعالى: ﴿يَسۡتَخۡفُونَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَلَا يَسۡتَخۡفُونَ مِنَ ٱللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمۡ إِذۡ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرۡضَىٰ مِنَ ٱلۡقَوۡلِۚ﴾ [النساء: 108]، بل إنه قال: ﴿وَأَسِرُّواْ قَوۡلَكُمۡ أَوِ ٱجۡهَرُواْ بِهِۦٓۖ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ﴾ [الملك: 13] إذا كان كذلك فيجب عليك أن تتقي الله سبحانه وتعالى على كلِّ حال، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ» ([1])، يقول - تعالى -: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يَخۡشَوۡنَ رَبَّهُم بِٱلۡغَيۡبِ﴾ [الملك: 12] يعني: في حال غيبتهم عن الناس، ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يَخۡشَوۡنَ رَبَّهُم بِٱلۡغَيۡبِ لَهُم مَّغۡفِرَةٞ وَأَجۡرٞ كَبِيرٞ ١٢ وَأَسِرُّواْ قَوۡلَكُمۡ أَوِ ٱجۡهَرُواْ بِهِۦٓۖ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ ١٣﴾ [الملك: 12 - 13].
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (1987)، والدارمي رقم (2833)، وأحمد رقم (21354).