ثم قال: ﴿وَلَا
تَقۡرَبُواْ مَالَ ٱلۡيَتِيمِ إِلَّا بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ﴾ [الأنعام: 152] من الكبائر المحرّمات: أكل أموال اليتامى بغير حق.
واليتيم هو: الصغير
الذي مات أبوه؛ هذا هو اليتيم؛ أما إذا بلغ فإنه يخرُج عن حدِّ اليُتْم، وكذلك لو
ماتتْ أمه، وأبوه حيٌّ لا يسمى يتيمًا؛ لأن أباه يقوم عليه ويُنفق عليه ويربيه،
ويتعاهده، ويحميه؛ فاليتم هو: فِقْدان الآباء في وقت الصغر.
فاليتيم بحاجة إلى
من يعينه، وإلى من يحميه، وإلى من يربيه، وإلى من يدافع عنه؛ فهو ضعيف؛ ومن ذلك:
المحافظة على ماله، فلا ينتهز فرصة صغره ويُتْمه فيعتدى على ماله؛ لأنَّه لا
يدافِع، ولهذا يقول سبحانه وتعالى: ﴿وَٱبۡتَلُواْ ٱلۡيَتَٰمَىٰ حَتَّىٰٓ إِذَا
بَلَغُواْ ٱلنِّكَاحَ فَإِنۡ ءَانَسۡتُم مِّنۡهُمۡ رُشۡدٗا فَٱدۡفَعُوٓاْ إِلَيۡهِمۡ أَمۡوَٰلَهُمۡۖ وَلَا تَأۡكُلُوهَآ إِسۡرَافٗا وَبِدَارًا أَن يَكۡبَرُواْۚ﴾ [النساء: 6] إلى قوله - تعالى -:
﴿إِنَّ
ٱلَّذِينَ يَأۡكُلُونَ أَمۡوَٰلَ ٱلۡيَتَٰمَىٰ ظُلۡمًا إِنَّمَا يَأۡكُلُونَ فِي
بُطُونِهِمۡ نَارٗاۖ وَسَيَصۡلَوۡنَ سَعِيرٗا﴾ [النساء: 10].
فقوله: ﴿وَلَا
تَقۡرَبُواْ مَالَ ٱلۡيَتِيمِ﴾ ما قال: لا تأكلوا
مال اليتيم، بل قال: ﴿وَلَا تَقۡرَبُواْ﴾ يعني: لا تعملوا
الوسائل التي تُفضي إلى تَلَف مال اليتيم؛ فكيف بإتْلاف مال اليتيم؟، هذا من باب
أولى.
﴿إِلَّا بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ﴾ إلَّا بشيء فيه مصلحة لليتيم: كأن تتاجر فيه؛ من أجل أن يربح وينمو.
﴿وَأَوۡفُواْ ٱلۡكَيۡلَ وَٱلۡمِيزَانَ﴾ هذا من الوصايا
الربَّانية؛ للإنسان الذي يبيع على الناس السِّلع بالوزن أو بالكيل أو بالأكياس،
أو بالصناديق يجب عليه أن لا يبخسها، بل يوفِّيها بالمكيال والميزان.