وإذا أراد ولي الأمر
أن ينهي المعاهدة مع الكفار فلا يلغيها فجأة، بل يعطيهم؛ مُهلة: ﴿وَإِمَّا
تَخَافَنَّ مِن قَوۡمٍ خِيَانَةٗ فَٱنۢبِذۡ إِلَيۡهِمۡ عَلَىٰ سَوَآءٍۚ
إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡخَآئِنِينَ﴾ [الأنفال: 58].
ومبايعة السلطان عهد
يجب على الرعية أن يفوا به، وأن لا يغدِروا به، وأن لا يعصوا ولي الأمر، إلاَّ إذا
أَمر بمعصية فإنه لا يُطاع في المعصية، لكن يُطاع في الأمور الأخرى التي ليستْ
بمعصية، هذا من العهد الذي بينك وبين وليِّ الأمر.
كذلك العهد الذي
بينك وبين الناس؛ العهد الذي بين دولتك ودولة أخرى، كلُّ هذا من العهد الذي أمر
الله بالوفاء به، ولا يُستهان به أبدًا؛ فالعهود أمرها عظيم، ولذلك أضافها الله
إليه قال - تعالى -: ﴿وَأَوۡفُواْ بِعَهۡدِ ٱللَّهِ إِذَا عَٰهَدتُّمۡ﴾ [النحل: 91] قال - تعالى -: ﴿وَأَوۡفُواْ بِٱلۡعَهۡدِۖ إِنَّ ٱلۡعَهۡدَ كَانَ مَسُۡٔولٗا﴾ [الإسراء: 34] وهنا يقول: ﴿وَبِعَهۡدِ ٱللَّهِ أَوۡفُواْ﴾ [الأنعام: 152] أضاف العهد إليه
ليدل على عظمته.
﴿ذَٰلِكُمۡ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمۡ
تَذَكَّرُونَ﴾ [الأنعام: 152] ﴿لَعَلَّكُمۡ﴾ هنا للتعليل أيضًا،
أي: لأجل أن تتذكَّروا ما عليكم من الحقوق والواجبات فتقوموا بها خير قيام.
ثم ختم هذه الوصايا بالوصية العاشرة العظيمة فقال جل وعلا: ﴿وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي مُسۡتَقِيمٗا فَٱتَّبِعُوهُۖ﴾ [الأنعام: 153] ﴿وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي﴾: الصراط في اللغة معناه: الطريق؛ والمراد بالصراط هنا: كتاب الله سبحانه وتعالى؛ لأنَّه طريقٌ إلى الجنة، أي: ما أوحيته إليكم بواسطة رسولي من الأوامر والنواهي