«عَلَى
حِمَارٍ» هذا فيه: تواضع النبي صلى الله عليه وسلم وأنه يركب الحمار، مع أنه
أشرف الخلق على الإطلاق، وتواضعه - أيضًا - صلى الله عليه وسلم في إرداف صاحبه
معه، وفيه: جواز الإرداف على الدَّابَّة إذا كانت تُطيق ذلك، ولا يشق عليها.
«فَقَالَ لِيَ:
يَا مُعَاذُ» أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يعلمه هذا الحكم العظيم، ولكنه
صلى الله عليه وسلم أراد أن يُلْقِيَه إليه بطريقة السؤال والجواب، ليكون ذلك
أَدْعى إلى الانتباه والاهتمام، فإن التعليم عن طريق السؤال والجواب من أعظم الطرق
الناجحة في تعليم العلم، لأنك لما تسأل الطالب عن شيء يجهله ثم يتطلع إلى الجواب،
أحسن من أن تُلقي إليه المسألة ابتداءً، وهو على غير انتباه واستعداد لاستقبالها،
وهذه طريقة من طرق التعليم، وهي طريقة نبويَّة، استعملها النبي صلى الله عليه وسلم
في كثير من الأحوال.
«أَتَدْرِي مَا
حَقُّ اللهِ عَلَى الْعِبَادِ، وَمَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللهِ؟» هذه مسألة عظيمة.
قال معاذ: «قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ» هذا فيه: تأدب طالب العلم في أنه إذا سُئل عن شيء وهو لا يعرفه، أن يقول: الله ورسوله أعلم، ولا يدخل ويَتَخَرَّص في شيء لا يعرفه، بل يَكِلُ العلم إلى عالِمه، هذه - أيضًا - من طرق التعلُّم الناجحة، هي: أن الإنسان إذا سُئل عن علم لا يعلمه أو عن مسألة وهو لا يعرفها، لا تحمله الأنفَة بأن لا يقول: لا أدري، بل يقول: لا أدري، أو يقول: الله أعلم، ولا غَضَاضة عليه في ذلك، بل هذا يدل على فضله وورعه وأدبه مع الله سبحانه وتعالى وأدبه مع المعلم.