×
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد الجزء الأول

وقد سُئل الإمام مالك عن أربعين مسألة، فأجاب عن أربع مسائل منها، وقال عن البقيَّة: لا أدري، فقال السائل: جئتك من بلاد كذا وكذا أسألك عن مسائل، وتقول لا أدري؟ فقال له: اركب راحلتك واذهب إلى البلد الذي جئت منه، وقل: سألت مالكًا وقال: لا أدري. هكذا أدب العلماء.

وهذا معاذ رضي الله عنه يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: «اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ»، ففي هذا: رَدُّ العلم إلى عالمه، وعدم تدخُّل الإنسان في شيء وهو لا يدري عن حكمه، والله - تعالى - يقول: ﴿وَلَا تَقۡفُ مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٌۚ [الإسراء: 36]، ويقول سبحانه وتعالى لما ذكر المحرَّمات في قوله: ﴿قُلۡ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ ٱلۡفَوَٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنۡهَا وَمَا بَطَنَ، ختمها بقوله: ﴿وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ [الأعراف: 33] ﴿فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗا لِّيُضِلَّ ٱلنَّاسَ بِغَيۡرِ عِلۡمٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّٰلِمِينَ [الأنعام: 144]، والآيات والأحاديث في هذا كثيرة، فمن يريد النجاة لنفسه، ويريد السلامة، وأيضًا يريد السلامة للناس؛ فإنه لا يتدخل في شيء لا يعرفه؛ لأنَّه يُوَرِّطُ نفسه، ويُوَرِّطُ الآخرين معه؛ لأنَّه إذا أجاب بخطأ ضلَّل الناس ﴿لِّيُضِلَّ ٱلنَّاسَ بِغَيۡرِ عِلۡمٍۚ، فهذه مسألة عظيمة، يجب علينا أن نتعقَّلها، وأن الإنسان لا يتسرَّع في الإجابة عن شيء، إلَّا إذا كان يعلمه تمامًا، وإلاَّ فليقف على شاطئ السلامة، ولا يدخل في لجَّة البحر وهو لا يُحسن السباحة.

قلت: الله ورسوله أعلم هذا يُقال في حياة النبي صلى الله عليه وسلم: الله ورسوله أعلم، أما بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يقال: الله أعلم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد


الشرح