انتقل من هذه الدار إلى الرَّفيق الأعلى إلى
الدار الآخرة، فيُوكل العلم إلى الله سبحانه وتعالى، لأن الله سبحانه وتعالى أعطى
رسوله علمًا عظيمًا ﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمۡ تَكُن تَعۡلَمُۚ وَكَانَ فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكَ
عَظِيمٗا﴾ [النساء: 113]، فالرسول صلى الله
عليه وسلم عنده علم عظيم من الله، ويجيب في حياته، ولكن بعد وفاته قد بلَّغ البلاغ
المُبين صلى الله عليه وسلم وأنهى مهمَّته ورسالته، وانتقل إلى ربه عز وجل، فلا
يجيب في مسألة،
فلما تهيَّأ معاذ
للجواب وتنبّه وتطلع؛ ألقى عليه النبي صلى الله عليه وسلم الجواب، فقال: حق الله
على العباد: أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا هذا هو حق الله سبحانه وتعالى على
عباده، من أولهم إلى آخرهم، كما في الآية التي في مطلع الباب: ﴿وَمَا
خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56]، هذا هو حق الله على العباد، وهو أول الحقوق، وآكد
الحقوق، لأن الإنسان منَّا عليه حقوق، أعظمها: حق الله، ثم حق الوالدين، ثم حق
الأقارب، ثم حق اليتامى والمساكين والجيران والمماليك، كما في قوله -تعالى-: ﴿وَٱعۡبُدُواْ
ٱللَّهَ وَلَا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡٔٗاۖ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنٗا وَبِذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَٱلۡجَارِ ذِي
ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡجَارِ ٱلۡجُنُبِ وَٱلصَّاحِبِ بِٱلۡجَنۢبِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِيلِ
وَمَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُمۡۗ﴾ [النساء: 36] فهذه عشرة حقوق،
ذكرها الله - سبحانه - في هذه الآية، أولها: حق الله سبحانه وتعالى وكما في الآيات
في سورة الإسراء التي ذكر الله فيها خمسة عشر حقًّا، أولها: حق الله في قوله -
تعالى -: ﴿لَّا تَجۡعَلۡ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ﴾ [الإسراء: 22]، ثم جاء بحق الوالدين ﴿وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنًاۚ إِمَّا
يَبۡلُغَنَّ عِندَكَ ٱلۡكِبَرَ أَحَدُهُمَآ﴾