[الإسراء: 23]، إلى قوله: ﴿ذَٰلِكَ مِمَّآ أَوۡحَىٰٓ إِلَيۡكَ
رَبُّكَ مِنَ ٱلۡحِكۡمَةِۗ وَلَا تَجۡعَلۡ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ﴾ [الإسراء: 39]، ختم الآيات بما بدأها به وهو حق الله على عباده أن يعبدوه، ولا يكفي هذا،
لا يكفي أن يعبدوه، بل ولا يشركوا به شيئًا؛ لأن العبادة لا تكون عبادة إلَّا إذا
خَلَصَتْ من الشرك، أما إذا خالطها شرك فإنها لا تكون عبادة لله، كما قال - تعالى
-: ﴿فَمَن
كَانَ يَرۡجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِۦ فَلۡيَعۡمَلۡ عَمَلٗا صَٰلِحٗا وَلَا يُشۡرِكۡ بِعِبَادَةِ رَبِّهِۦٓ
أَحَدَۢا﴾ [الكهف: 110]، لأن الشرك يُبطل
العبادة، ويُبطل سائر الأعمال، ولا يصحُّ معه عمل، مهما كلَّف الإنسان نفسه
بالعبادات، إذا كان عنده شيء من الشرك الأكبر فإن عبادته تكون هباءً منثورًا: ﴿كَسَرَابِۢ
بِقِيعَةٖ يَحۡسَبُهُ ٱلظَّمَۡٔانُ مَآءً حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَهُۥ لَمۡ يَجِدۡهُ
شَيۡٔٗا﴾ [النور: 39]، قال - تعالى -: ﴿وَلَقَدۡ
أُوحِيَ إِلَيۡكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكَ لَئِنۡ أَشۡرَكۡتَ لَيَحۡبَطَنَّ
عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ ٦٥ بَلِ
ٱللَّهَ فَٱعۡبُدۡ وَكُن مِّنَ ٱلشَّٰكِرِينَ ٦٦﴾ [الزمر: 65- 66]، وقال - تعالى - لما ذكر
الأنبياء في سورة الأنعام: ﴿وَمِن ذُرِّيَّتِهِۦ دَاوُۥدَ
وَسُلَيۡمَٰنَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَٰرُونَۚ﴾ [الأنعام: 84] إلى آخر الأنبياء الذين ذكرهم الله، قال جل وعلا: ﴿وَلَوۡ أَشۡرَكُواْ لَحَبِطَ عَنۡهُم مَّا
كَانُواْ يَعۡمَلُونَ﴾ [الأنعام: 88]، فالشرك يُحبط الأعمال،
ولهذا كثيرًا ما يأتي الأمر بالعبادة مقرونًا بالنهي عن الشرك: ﴿وَٱعۡبُدُواْ
ٱللَّهَ وَلَا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡٔٗاۖ﴾ [النساء: 36] أن يعبدوه ولا يُشركوا به شيئًا، وهذا هو معنى لا إله إلاَّ الله؛ لأن لا
إله إلَّا الله تشتمل على النفي وعلى الإثبات، النفي: نفى الشرك، والإثبات: إثبات
التَّوحيد.
أن يعبدوه والعبادة - أيضًا - كما أنها لا تكون عبادة إلَّا مع