الرَّهْط عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فكأنهم
تقالُّوها، ولكن اعتذر عن الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه مغفور له ما تقدم من
ذنبه وما تأخَّر، وقالوا: أين نحن من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد غُفر له ما
تقدم من ذنبه وما تأخر، فقال أحدهم: أنا أصلي ولا أنام، وقال الآخر: أنا لا أتزوج
النساء - يعني: يريد التَّبَتُّل -، وقال الثالث: أنا أصوم ولا أُفطر، - وفي
رواية: ولا آكل اللحم -، فلما بلغ ذلك رسول الله غضب غضبًا شديدًا، وقال: «أَنْتُمْ
الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا، أَمَا وَاللهِ إِنِّي لَأَعْلَمُكُمْ بِاللهِ
وَأَتْقَاكُمْ لَهُ وَأَخْشَاكُمْ لَهُ، وَإِنِّي أُصَلَّي وَأَنَامُ، وَأَصُومُ
وَأُفطِرُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، وَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ
مِنِّي» ([1])، وهكذا، فالعبادة
لا بد أن تكون مطابقة لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ليس فيها بدع، ولا
خرافات، ولا محدثات، ولا استحسانات للعقول، أو اقتداء بفلان أو عِلاَّن، ما دام أن
هذا المُقتدى به ليس متبعًا للرسول صلى الله عليه وسلم فليس بقدوة، هذه هي
العبادة، ولهذا يقول العلامة ابن القيِّم رحمه الله في «النونية»:
حَقُّ الإِْلَهِ
عِبَادَةٌ بِالأَْمْرِ لاَ *** بِهَوَى النُّفُوسِ فَذَاكَ لِلشَّيْطَانِ
حق الإله عبادة
بالأمر، يعني: بالشرع، فالأمر المراد به: الشرع، فلا تُحدثُ شيئًا من عندك.
لا بهوى النفوس فذاك للشيطان، فالذي يعبد الله باستحسان عقله، وشهوة نفسه بشيء لم يَشرعه الرسول صلى الله عليه وسلم ليس عابدًا لله، وإنما هو عابد
([1]) أخرجه: البخاري رقم (5063)، ومسلم رقم (1401).