×
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد الجزء الأول

وِسواسًا، أو تشدُّدًا، فأنت تذكر لهم آيات التيسير، وأحاديث التيسير، والتسهيل، والرحمة، الفرج، إلى غير ذلك، من أجل أن لا يزيدوا ويتشدوا ويَغلوا، فكل مقام له مقال، وتوضع الأمور في مواضعها، هذا هو الميزان الصحيح، والناس ليسوا على حد سواء، كل يخاطب بما يستفيد منه ولا يتضرر به، فلا تأتي بآيات الوعد والرجاء عند المتساهلين، ولا تأتي بآيات الوعيد عند المتشددِّين، بل تكون كالطبيب تضع الدواء في موضعه المناسب، هكذا يكون طالب العلم، إذا كانت هناك أمور غامضة، لا يعرفها العوام ولا تتسع لها عقولهم، من المسائل العلمية، فلا تُلقى على العوام، وإنما تُلقى على طلبة العلم، وعلى الناس الذين يستوعبونها؛ ولهذا يقول ابن مسعود: «مَا أَنْتَ بِمُحَدِّثٍ قَوْمًا حَدِيثًا لاَ تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ إِلاَّ كَانَ لِبَعْضِهِمْ فِتْنَةً» ([1]).

فالحاصل أن طالب العلم والواعظ والمعلم يجب عليه أن يراعي أحوال الحاضرين وأحوال الناس، ويعطيهم ما يحتاجون إليه من المسائل، ولا يُلقي عليهم المسائل الغريبة التي لم يتوصلوا إليها، فلو أتيت عند طلبة علم مبتدئين، فلا تلقِ عليهم غرائب المسائل التي لا يعرفها إلاّ الراسخون في العلم، بل تعلمهم مبادئ مبسطة سهلة يتدرَّجون بها شيئًا فشيئًا، لا تطلب من طالب مبتدئ أن يقرأ في «صحيح البخاري»؛ لأنَّه لم يصل إلى هذا الحد لكن لَقِّنه «الأربعين النووية»، والأحاديث القريبة، وشروط الصلاة، وأحكام الطهارة إلى


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم (1/11).