فإنه لا يُحكَمُ
بإسلامه، ولو كان يعرفها بقلبه، ولو كان يعبد الله في أعماله، لكنه أبى أن ينطق
بالشهادة، فهذا لا يُعتبر مسلمًا، حتى ينطق بالشهادة، لقوله صلى الله عليه وسلم: «أُمِرْتُ
أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ، حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ» ([1]) وكذلك من نطق بها
بلسانه ولكنه لا يعتقدها في قلبه، هذا - أيضًا - ليس بمسلم، بل هو منافق،
فالمنافقون يقولون: لا إله إلاَّ الله، وهم في الدرك الأسفل من النار، لماذا؟
لأنهم لا يعتقدون معناها، وعُبَّاد القبور اليوم يقولون لا إله إلَّا الله
بألسنتهم، لكنهم لا يعملون بمقتضاها، بل يعبدون القبور والأضرحة، ويدعون الأولياء
والصالحين، فهم أقرُّوا بها لفظًا، وخالفوها معنًى، فالمشركون جحدوا لفظها
ومعناها، والقبوريُّون أقرُّوا بلفظها وجحدوا معناها، هم سواء لا فرق بينهم أبدًا،
كذلك المنافقون تلفَّظوا بها، لكنهم لا يؤمنون بها في قلوبهم - أيضًا - هم سواء،
بل هم شر من الكفَّار، قال - تعالى -: ﴿إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ فِي ٱلدَّرۡكِ
ٱلۡأَسۡفَلِ مِنَ ٱلنَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمۡ نَصِيرًا﴾ [النساء: 145] وهم ينطقون، ويقولون: لا إله إلاَّ الله، ويصلّون، ويصومون، لكن لما كانوا
مُنكرين بقلوبهم، غير معترفين بها في قلوبهم، وإنما قالوها لأجل المصالح الدنيوية
فقط، صاروا - والعياذ بالله - في الدرك الأسفل، من النار.
فالحاصل أنها كلمة
عظيمة، لكن لا بد أن يتوفَّر:
أوَّلاً: النطق بها.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (25)، ومسلم رقم (22).