ولم يكن هناك مسلم
وقت بعثته عليه الصلاة والسلام كلهم على الوثنيَّة - والعياذ بالله - وذكر الله
ذلك في القرآن في عدَّة مواضع منها: في سورة الأنعام: ﴿وَإِذۡ قَالَ إِبۡرَٰهِيمُ لِأَبِيهِ
ءَازَرَ﴾ [الأنعام: 74] بدأ بأبيه؛ لأنَّه
يجب على الإنسان أول ما يبدأ بنفسه، ثم بأقرب الناس إليه، وأهل بيته، وجيرانه، ثم
ينتشر في الدعوة إلى الله شيئًا فشيئًا، ﴿وَإِذۡ قَالَ إِبۡرَٰهِيمُ لِأَبِيهِ
ءَازَرَ أَتَتَّخِذُ أَصۡنَامًا ءَالِهَةً إِنِّيٓ أَرَىٰكَ وَقَوۡمَكَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ ٧﴾، وفي الآية الأخرى
يقول جل وعلا: ﴿وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَآ إِبۡرَٰهِيمَ رُشۡدَهُۥ مِن قَبۡلُ وَكُنَّا بِهِۦ
عَٰلِمِينَ ٥١ إِذۡ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوۡمِهِۦ مَا هَٰذِهِ ٱلتَّمَاثِيلُ ٱلَّتِيٓ
أَنتُمۡ لَهَا عَٰكِفُونَ
٥٢َ﴾ [الأنبياء: 51 - 52] إلى آخر الآيات.
وقوله تعالى: ﴿وَكَذَٰلِكَ نُرِيٓ إِبۡرَٰهِيمَ مَلَكُوتَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ﴾ [الأنعام: 75] أطلعه الله سبحانه وتعالى على ذلك من أجل أن يؤهله لحمل الرسالة، والدعوة إلى الله عز وجل والمناظرة، ﴿وَلِيَكُونَ مِنَ ٱلۡمُوقِنِينَ﴾ الموقنين بالله سبحانه وتعالى وتوحيده، ويزول عنه أي شك أو أي ارتياب، أو أي شبهة، يكون على وضح اليقين، ﴿فَلَمَّا جَنَّ عَلَيۡهِ ٱلَّيۡلُ﴾ [الأنعام: 76] يعني: غَشَى عليه الليل بظلامه، ﴿رَءَا كَوۡكَبٗاۖ قَالَ هَٰذَا رَبِّيۖ﴾ هذا من باب المناظرة، وليس من باب النظر - كما يقول الفلاسفة أو علماء الكلام -، لأن إبراهيم يعرف ربه من قبل، كما قال تعالى: ﴿وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَآ إِبۡرَٰهِيمَ رُشۡدَهُۥ مِن قَبۡلُ﴾، ولكنه قال ذلك لأجل المناظرة، هذا ربي بزعمكم، ﴿فَلَمَّآ أَفَلَ﴾ يعني: غاب واختفى، ﴿قَالَ لَآ أُحِبُّ ٱلۡأٓفِلِينَ﴾ لأنه لو كان ربًا ما غاب ولا اختفى، فهذا مما يُبطل ربوبية هذا الكوكب، ﴿قَالَ لَآ أُحِبُّ ٱلۡأٓفِلِينَ﴾ لأنه لو كان ربًّا