يَوْمَ
الْقِيَامَةِ، حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنَ الشَّاةِ القَرْنَاءِ» ([1]) الشاة الجَلحَاء هي
التي ليس لها قرون، والشاة القَرْنَاء التي لها قرون، إذا نطحتها بقرونها لا بد من
القصاص يوم القيامة حتى بين البهائم، قال - تعالى -: ﴿وَإِذَا ٱلۡوُحُوشُ حُشِرَتۡ﴾ [التكوير: 5] تحشر البهائم يوم القيامة، ويُقْتَصُّ بعضها من بعض، ثم يقول الله لها: «كُونِي
تُرَابًا» ([2])، فَعِنْدَ ذَلِكَ
يَقُولُ الْكَافِرُ: ﴿يَٰلَيۡتَنِي
قَدَّمۡتُ لِحَيَاتِي﴾ [الفجر: 24]﴿وَمَا مِن دَآبَّةٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا طَٰٓئِرٖ يَطِيرُ بِجَنَاحَيۡهِ إِلَّآ أُمَمٌ
أَمۡثَالُكُمۚ مَّا فَرَّطۡنَا فِي ٱلۡكِتَٰبِ مِن شَيۡءٖۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ يُحۡشَرُونَ﴾ [الأنعام: 38]
وكذلك بنو آدم، يقام
القصاص بينهم يوم القيامة، فيُقْتَصُّ من المظلومين للظلمة، ولا يُترك من حقوقهم
شيء إلَّا إذا سمحوا بها، أما النوع الثاني وهو ظلم العبد لنفسه فهذا تحت مشيئة
الله، إن شاء الله غفره، وإن شاء عذب به، كما يقول أهل العلم:
الدواوين ثلاثة:
ديوان لا يغفره الله، وهو الشرك. وديوان لا يترك الله منه شيئًا، وهو مظالم
العباد. وديوان تحت المشيئة إن شاء الله غفر لصاحبه، وإن شاء عذبه، وهو الذنوب
والمعاصي.
فهذا معنى قوله: ﴿وَلَمۡ يَلۡبِسُوٓاْ إِيمَٰنَهُم بِظُلۡم﴾ [الأنعام: 82] يعني: بشرك، هذا هو الذي فسَّره به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنها لما نزلت هذه الآية شقت على الصحابة، قالوا: يا رسول الله أيُّنا لم يظلم نفسه؟، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّهُ لَيْسَ بِالَّذِي تَعْنُونَ، إِنَّهُ الشِّرْكُ، أَلَمْ تَسْمَعُوا إِلَى
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2582).