يحسم بالرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله
عليه وسلم، فالمخطئ يرجع، والمصيب يثبت قال تعالى: ﴿فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ
وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا﴾ [النساء: 59].
الصفة الثانية لإبراهيم: ﴿قَانِتٗا لِّلَّهِ﴾ والقنوت في اللغة معناه:
الثبوت والدَّوام، أي: مداومًا وثابتًا على طاعة الله، لا يتزحزح عنها، ويُطلق
القنوت على طول القيام في الصلاة، قال تعالى -: ﴿حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ
وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ وَقُومُواْ لِلَّهِ قَٰنِتِينَ﴾ [البقرة: 238]، وقال الله - تعالى -: ﴿أَمَّنۡ هُوَ قَٰنِتٌ ءَانَآءَ ٱلَّيۡلِ
سَاجِدٗا وَقَآئِمٗا يَحۡذَرُ ٱلۡأٓخِرَةَ وَيَرۡجُواْ رَحۡمَةَ رَبِّهِۦۗ قُلۡ
هَلۡ يَسۡتَوِي ٱلَّذِينَ يَعۡلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَۗ إِنَّمَا
يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ﴾ [الزمر: 9]، فمعنى وصف إبراهيم
بأنه كان قانتًا أي: أنه كان مداومًا على طاعة الله ثابتًا عليها، بخلاف الذي
يجتهد أول يوم أو شهر أو سنة ثم بعد ذلك يتراجع انتكاسًا بدأ بالخير لكنه لم
يُكمل، فالمطلوب من الإنسان أن يثبت بالخير، بمعنى أنه يلازم عمل الخير، ولا يتخلى
عنه، ولو كان قليلاً، «أَحَبُّ الْعَمَلِ إِلَى اللهِ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ»
([1]).
﴿قَانِتٗا لِّلَّهِ﴾ يعني: أنه يعمل هذا مخلصًا لله، لا يقصد به رياءً ولا سُمعة، ويؤخذ من هذا الإخلاص، لأن بعض الناس قد يصلي ويحسن صلاته، ويطوِّل قيامه وركوعه من أجل رياء الناس، فإذا أَحَسَّ أن عنده أحد يطوُّل الركوع والسجود؛ من أجل أن يوصف بأنه صاحب طاعة، وإذا صلى وحده نقر الصلاة، وخفَّفها، والإخلاص: أن الإنسان
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2818).