×
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد الجزء الأول

يقصد بعمله وجه الله، ولا يقصد بذلك طمعًا من مطامع الدنيا أو مدحًا، وثناءً من الخلق، ولا يستمع إلى لومهم إذا لاموه. قالوا: متشدِّد، فلان كذا، ما دام أنه على الطريق الصحيح وعلى السنة، فلا يضره ما يقوله الناس، ولا تأخذه في الله لومة لائم.

الصفة الثالثة: ﴿حَنِيفٗا والحنيف من الحَنَف وهو في اللغة: الميل، والمراد به هنا: الإقبال على الله، وأنه مُعرض عن الناس مُقبل على الله سبحانه وتعالى، يطلب الخير من الله، ولا يطلب الخير من الناس، ولا يتحرَّاه من الناس، وإنما يتحرَّاه من الله سبحانه وتعالى.

الصفة الرابعة: ﴿وَلَمۡ يَكُ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ وهذا محل الشاهد من الباب، ومعناه: أنه تبرَّأ من المشركين، براءة تامة، أي: قطع ما بينه وبين المشركين من المودَّة من أجل الله سبحانه وتعالى، لأنهم أعداء الله، والمؤمن لا يحب أعداء الله.

فإبراهيم عليه السلام لم يكن من المشركين لا بقليل ولا بكثير، قطع صلة المحبة بينه وبينهم، أما صلة التعامل الدنيوي في المصالح المباحة فهذا شيء آخر، إنما المراد قطع الصلة؛ صلة المحبة والموالاة والمناصرة، هذا هو المطلوب، أما التعاون الدنيوي فيما فيه نفع للمسلمين، فهذا شيء آخر، يوضِّح هذا قوله في الآية الأخرى: ﴿قَدۡ كَانَتۡ لَكُمۡ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ فِيٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥٓ [الممتحنة: 4] يعني: من أتباعه ﴿إِذۡ قَالُواْ لِقَوۡمِهِمۡ إِنَّا بُرَءَٰٓؤُاْ مِنكُمۡ وَمِمَّا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ كَفَرۡنَا بِكُمۡ وَبَدَا بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكُمُ ٱلۡعَدَٰوَةُ وَٱلۡبَغۡضَآءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ وَحۡدَهُۥٓ [الممتحنة: 4]؛ يعني: لا تقارب بيننا وبينكم في المودَّة


الشرح