«لَأُعْطِيَنَّ
الرَّايَةَ غَدًا رَجُلاً يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللهُ
وَرَسُولُهُ؛ يَفْتَحُ اللهُ عَلَى يَدَيْهِ».
****
على أن يبقوا فيها
عمَّالاً للمسلمين، يزرعونها بأجرة، فأقرَّهم النبي صلى الله عليه وسلم وبقوا فيها
إلى أن أجلاهم عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - بعد ذلك، لأن النبي صلى الله
عليه وسلم لم يقرهم فيها إقرارًا دائمًا، وإنما قال: «نُقِرُّكُمْ فِيهَا مَا
شِئْنَا» ([1])، حاصرها رسول الله
صلى الله عليه وسلم واشتد الأمر بالمسلمين في الحصار من قِلَّةِ ذات اليد، ومن طول
الحصار فبشرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه البشارة من أجل أن يَذهب عنهم ما
يجدون من المشقَّة وطول الانتظار.
قال الشيخ رحمه الله:
«في هذا ما يجري على أولياء الله من الجوع، ومن الوباء» يعني: ما جرى
عليهم في هذا الحصار من المشقَّة، مع أنهم أولياء الله، وفيهم رسوله صلى الله عليه
وسلم ومع هذا نالهم مشقَّة وجوع في هذا الحصار، وفي هذا دليل على أن الله يعطي
الدنيا من يحب ومن لا يحب، وأن الجوع والفقر ليسا دليلاً على بغض الله لمن يصيبه
ذلك، فإن هذا قد يصيب أفضل الخلق.
قال: «لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ»، الراية هي: العَلَمُ الذي يحمله الجُند، من أجل أن يهتدوا به، ويَلْتَفُّوا حوله في القتال، وحمل العَلَم في الغزو من سنة النبي صلى الله عليه وسلم وكان له رايات، وكان مكتوبًا في رايته صلى الله عليه وسلم: لا إله إلاَّ الله محمد رسول الله.
([1]) أخرجه: عبد الرزاق في مصنفه رقم (9989).