فَأَعْطَاهُ
الرَّايَةَ فَقَالَ: «انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ،
****
وقوله: «فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ» دفعها
إليه.
ثم إنه صلى الله
عليه وسلم أرشده وأوصاه على عادته صلى الله عليه وسلم مع قُوَّادِهِ وأمرائه إنه
كان يوصي القُوَّاد والأمراء حينما يبعثهم.
فهذا فيه دليل على
أن وليَّ الأمر يوصي قُوَّاده ويخط لهم الخُطَطَ النافعة التي يسيرون عليها في
مهمَّتهم، ولا يتركهم لأنفسهم يذهبون بدون وصية، وبدون إرشاد، وبدون وضع خطة يسيرون
عليها.
وقال: «انْفُذْ عَلَى
رِسْلِكَ»، «انْفُذْ» يعني: امض «عَلَى رِسْلِكَ» يعني: على
هيِّنتك، لا تُسرع في المشي، ولا يكون هناك أصوات أو صخب، بل يكون هناك هدوء تام،
وسير بالرفق.
فهذا فيه دليل على
مشروعية الهدوء في الجهاد، وترك العجلة ورفع الأصوات؛ لأن ذلك يدل على الثبات
والشجاعة، ويدل على التدبر في الأمر، وعدم العجلة والتسرع، بخلاف الطيش والركض
ورفع الأصوات، فإن هذا يدل على الجبن، ويدل على عدم الثبات.
«حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ» الساحة يُراد بها: ما قَرُب من المكان، أي: حتى تنزل قريبًا من الحصن، وهذا فيه أن المجاهدين ينزلون قريبًا من البلاد المحاصرة، ويقربون منها.