لأنَّه لا يمكنه أنه يُغالط ويدَّعي أنه يأتي
بالشمس من المغرب، معاكسة لتدبير الله سبحانه وتعالى ﴿فَبُهِتَ ٱلَّذِي كَفَرَۗ وَٱللَّهُ لَا
يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّٰلِمِينَ﴾ [البقرة: 258] هذا إبراهيم عليه الصلاة والسلام مع النمرود.
فقوله: ﴿وَإِذۡ
قَالَ إِبۡرَٰهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوۡمِهِۦٓ﴾ [الزخرف: 26] من جماعة نُمْرُود عَبَدة الكواكب.
﴿إِنَّنِي
بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ﴾ [الزخرف: 26] براء وبريء بمعنىً واحد، معناه: قطع الصِّلة
والبعد عن المُتَبَرَّإ منه، بخلاف الموالاة، فإن معناها: القُرب والاتصال
بالمُوَالى، أما البراءة فمعناها: البعد والانقطاع، يقال برأ القلم إذا قطعه.
﴿إِنَّنِي بَرَآءٞ مِّمَّا تَعۡبُدُونَ﴾ يعني: من الأصنام
والكواكب وغيرها، وهذا تحدٍّ لهم، تحدَّى آلهتهم وتبرَّأ منها، ولو كانت قادرة
لانتقمت منه؛ لأنه يتبرَّأ منها على رءوس الأشهاد، ويكفر بها، ومع ذلك لا تمسُّه
بسوء؟ هذا دليل على بُطلانها.
﴿إِلَّا ٱلَّذِي فَطَرَنِي﴾ [الزخرف: 27] يعني: الله سبحانه وتعالى، و﴿فَطَرَنِي﴾، يعني: خلقني،
فالفَطْر معناه: ابتداء الخلق من غير مثال سابق، فلم يتبرَّأ منه لأنه ربه وحده لا
شريك له.
﴿فَإِنَّهُۥ سَيَهۡدِينِ﴾ وهذا معنى: لا إله
إلَّا الله؛ لأن قوله: ﴿إِنَّنِي بَرَآءٞ﴾ معناه: النفي؛ لا
إله، ﴿إِلَّا
ٱلَّذِي فَطَرَنِي﴾ معناه، الإثبات؛ إلَّا
الله. فهذه الآية فيها معنى لا إله إلَّا الله، إذًا فهي تفسر لا إله إلاَّ الله
وأنه ترك عبادة الأصنام، والبراءة منها، وإخلاص العبادة لله سبحانه وتعالى.