نزلت في قوم كانوا
يعبدون المسيح وأُمَّه وعُزَيْرًا، فبيَّن الله سبحانه أن هؤلاء الذين تدعونهم هم
عبادي يدعونني، وهم فقراء إليَّ يدعونني، ويتقربون إليَّ بالطاعة، فهم عباد من
عبادي، والعبد لا يصلح أن يكون معبودًا، وليس هناك في السموات والأرض إلَّا من هو
عبد لله: ﴿إِن كُلُّ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ إِلَّآ ءَاتِي ٱلرَّحۡمَٰنِ
عَبۡدٗا﴾ [مريم: 93]، ﴿لَّن
يَسۡتَنكِفَ ٱلۡمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبۡدٗا لِّلَّهِ وَلَا ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ ٱلۡمُقَرَّبُونَ﴾ [النساء: 172] فكل الخلق، كل سكان
السموات والأرض كلهم عباد لله، فلا يصلح أن يُعبدوا من دون الله عز وجل ولذلك قال
الله في الآية التي قبلها: ﴿قُلِ ٱدۡعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُم مِّن
دُونِهِۦ فَلَا يَمۡلِكُونَ كَشۡفَ ٱلضُّرِّ عَنكُمۡ وَلَا تَحۡوِيلًا﴾ [الإسراء: 56] هذا تعجيز للمشركين، وتعجيز لآلهتهم التي يعبدونها من دون الله.
﴿قُلِ ٱدۡعُواْ﴾ هذا أمر تهديد ووعيد، ﴿ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُم﴾ والزَّعم مَطِيَّة الكذب، الزَّعم يُطلق على الأمر الذي لا حقيقة له، ﴿ٱلَّذِينَ
زَعَمۡتُم﴾ أنهم ينفعون أو يضرون من
دون الله عز وجل ﴿مِّن دُونِهِۦ﴾ يعني: غير الله سبحانه وتعالى ﴿فَلَا يَمۡلِكُونَ كَشۡفَ ٱلضُّرِّ عَنكُمۡ
وَلَا تَحۡوِيلًا﴾ إذا نزل بكم مرض فإن كل
هؤلاء الذين تدعونهم من دون الله - بما فيهم الملائكة والأنبياء والصالحون
والأولياء - كلهم لا يملكون كشف الضر، إذا أنزل الله ضرًّا بعبد فلن يستطيع أحد
رفعه إلاَّ الله سبحانه وتعالى كما قال تعالى: ﴿قُلۡ أَفَرَءَيۡتُم مَّا تَدۡعُونَ مِن
دُونِ ٱللَّهِ إِنۡ أَرَادَنِيَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ هَلۡ هُنَّ كَٰشِفَٰتُ ضُرِّهِۦِٓ﴾ [الزمر: 38] لا يملكون كشف
الضر، لا يملك كشف الضر إذا نزل