فمن رضي بالبدعة، ولم يُنكرها وهو يقدر فقد
آواها، يعني: من رأى البدع وسكت ولم يتكلم في إنكارها والبيان للناس أنها بدع، فقد
آواها، يعني حماها بسكوته وتَرْكِه لها، فيكون مستوجبًا للعنة، فكيف إذا دعا إليها
ودافع عنها - والعياذ بالله -.
ثم قال صلى الله
عليه وسلم: «لَعَنَ اللهُ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الأَْرْضِ» المنار: جمع منارة،
وهي: العلامة، والمراد بمنار الأرض للعلماء فيه ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن المراد بمنار
الأرض: المراسيم، ومعنى غيَّرها يعني: قدَّمها أو أخرَّها عن مكانها، وفي الحديث: «مَنِ
اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنَ الأَْرْضِ بِغَيْرِ حَقٍّ طُوِّقَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ
سَبْعِ أَرْضِينَ» ([1]).
والقول الثاني: أن المراد بمنار الأرض: أعلام الحَرَم الذي يحرم قتل صيده وَتَنْفِيره، ويحرم قطع شجره وحشيشه، وأخذ لُقَطَتِه، فقد جعل الله حول الكعبة حرمًا من كل جانب، هذه المنطقة، لا يدخلها مشرك، ولا يُنَفَّر صيدها، ولا يُخْتلى خلاها، ولا تُلْتَقَط لقطتها، ولا يجوز القتال فيها إلَّا دفاعًا، أو إذا كان المشركون فيها فيجوز قتالهم من أجل تطهير الحَرَم منهم، فالمراد بمنار الأرض على هذا القول: أنصاب الحَرَم، أي: الأعلام المجعولة على الحَرَم من كل جانب، من جهة التَّنْعيم، ومن جهة الحُدَيْبِيَة، ومن جهة عرفات ونَمِرة، ومن جهة الجِعْرانة، أنصاب مبنيَّة وأعلام مقامة على حدود الحَرَم.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3196)، ومسلم رقم (1610).