وعن ثابت بن
الضحاك رضي الله عنه قال: نَذَرَ رَجُلٌ أَنْ يَنْحَرَ إِبِلاً
****
كل زمان ومكان من تضليل
المشبوهين، وأن كل من تظاهر بالخير والصلاح والمشاريع الخيرية لا يكون صالحًا،
إلاَّ من لم يكن له سوابق في الإجرام، ولم يُعرف عنه إلاَّ الخير؛ فهذا يُقبل منه،
لكن من كان معروفًا بالسوابِقِ السيِّئةِ والمكائدِ الخبيثة، أو يظهر عليه أو على
فلتات لسانه أو على كَلامه شيء؛ فإننا نأخذ الحذر منه ولا ننخدع، لأنَّ الله جل
وعلا نهى رسوله أن يصليَ في مكان أُعِدَّ للمعصية، فدلَّ هذا على أنه لا يُذبح لله
في مكان يذبح فيه لغير الله، كما لا يصلى لله في مكان أُعِدَّ للمعصية والكفر،
كذلك لا يُذبح لله في مكان أُعِدَ للمعصية.
وفيه: دليلٌ على فضيلة مسجد
قباء، وفضل أهله رضوان الله عليهم، وأنَّ هذا المسجد بقيَ له الفضل في الإسلام إلى
أنْ تقوم الساعة، ويقصد للصلاة فيه ممَّن كان في المدينة اقتداءً بالنبي صلى الله
عليه وسلم.
قال: «وعن ثابت بن الضحَّاك» الأشهلي رضي الله
عنه صحابيٌّ جليل.
«أَنَّ رَجُلاً نَذَرَ» النذر في اللغة هو:
الالتزام؛ يقال: نذر كذا إذا التزمه، ونذر دم فلان بمعنى أنه التزم أن يقتله، وأما
في الشرع: فالنذر معناه: «إلزام المكلَّف نفسه طاعة لله لم تجب عليه بأصل الشرع»
من صلاة وصيام وحجٍّ وعمرة وصدقة وغير ذلك.
والنذر - في الأصل - غير مشروع، ولا يُستحب للإنسان أنه ينذر لنهيه صلى الله عليه وسلم عن النذر وقال: «إِنَّ النَّذْرَ لاَ يَأْتِي بِخَيْرٍ، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ» ([1])، وفي رواية: «لاَ تَنْذِرُوا» - بالنهي - «فَإِنْ النَّذْرَ لاَ يَأْتِي بِخَيْرٍ» ([2])، فما دام الإنسان على السَّعَة فإنه لا ينبغي له أن ينذر
([1]) أخرجه: البخاري رقم (6608)، ومسلم رقم (1639).