اشتدت به الحال صلى الله عليه وسلم جدًّا،
وبينما هو كذلك يسَّر الله له من الجن من استمع إلى القرآن وآمن به، وذلك أنه لما
رجع من الطائف، وبلغ وادي نَخْلَة -بين مكة والطائف- قام يصلي الفجر، ويقرأ
القرآن، واستمع له الجن؛ فأُعجبوا بالقرآن -كما في هذه السورة، وفي سورة الأحقاف-:
﴿وَإِذۡ
صَرَفۡنَآ إِلَيۡكَ نَفَرٗا مِّنَ ٱلۡجِنِّ يَسۡتَمِعُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ فَلَمَّا
حَضَرُوهُ قَالُوٓاْ أَنصِتُواْۖ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوۡاْ إِلَىٰ قَوۡمِهِم
مُّنذِرِينَ ٢٩ قَالُواْ يَٰقَوۡمَنَآ إِنَّا سَمِعۡنَا كِتَٰبًا أُنزِلَ مِنۢ بَعۡدِ
مُوسَىٰ مُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ يَهۡدِيٓ إِلَى ٱلۡحَقِّ وَإِلَىٰ
طَرِيقٖ مُّسۡتَقِيمٖ
٣٠﴾ [الأحقاف: 29 - 30] يعني: بعد التوراة، ﴿قَالُواْ
يَٰقَوۡمَنَآ إِنَّا سَمِعۡنَا كِتَٰبًا أُنزِلَ مِنۢ بَعۡدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقٗا
لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ يَهۡدِيٓ إِلَى ٱلۡحَقِّ وَإِلَىٰ طَرِيقٖ مُّسۡتَقِيمٖ ٣٠ يَٰقَوۡمَنَآ
أَجِيبُواْ دَاعِيَ ٱللَّهِ وَءَامِنُواْ بِهِۦ يَغۡفِرۡ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ
وَيُجِرۡكُم مِّنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ
٣١﴾ [الأحقاف: 30- 31]، وفي سورة الجن: ﴿قُلۡ أُوحِيَ إِلَيَّ
أَنَّهُ ٱسۡتَمَعَ نَفَرٞ مِّنَ ٱلۡجِنِّ فَقَالُوٓاْ إِنَّا سَمِعۡنَا قُرۡءَانًا
عَجَبٗا ١ يَهۡدِيٓ إِلَى ٱلرُّشۡدِ فََٔامَنَّا بِهِۦۖ وَلَن نُّشۡرِكَ
بِرَبِّنَآ أَحَدٗا ٢﴾ [الجن: 1- 2]، فهذا فيه فرج من
الله سبحانه وتعالى لنبيه، وتسلية لنبيه، وأن الله يقيِّض له من يتبعه ويؤمن به؛
لأنَّه مبعوث إلى الإنس والجن.
﴿وَأَنَّهُۥ كَانَ رِجَالٞ مِّنَ ٱلۡإِنسِ﴾ [الجن: 6] الإنس: بنو آدم.
﴿يَعُوذُونَ بِرِجَالٖ مِّنَ ٱلۡجِنِّ﴾ [الجن: 6] الجن المُراد بهم:
عالم من عالم الغيب، يعيشون معنا في هذه الأرض، وهم مكلَّفون، مأمورون بطاعة الله،
ومَنْهِيُّون عن معصية الله، مثل الإنس لكننا لا نراهم، قال - تعالى -: ﴿إِنَّهُۥ
يَرَىٰكُمۡ﴾ [الأعراف: 27] يعني: إبليس ﴿هُوَ
وَقَبِيلُهُۥ﴾ [الأعراف: 27] يعني: جماعته من
الجن ﴿مِنۡ
حَيۡثُ لَا تَرَوۡنَهُمۡۗ﴾ [الأعراف: 27]، فهم يروننا ونحن
لا نراهم، وقد يتصوّرون بصور متشكِّلة،