×
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد الجزء الأول

 ويتصوَّرون بصور حيَّات، وبصور حيوانات، وبصور آدميين، أعطاهم الله القُدرة على ذلك، وهم عالم مخلوق من نار، والإنس خُلقوا من الطين، كما قال تعالى﴿خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ مِن صَلۡصَٰلٖ كَٱلۡفَخَّارِ [الرحمن: 14] يعني: من الطين، ﴿وَخَلَقَ ٱلۡجَآنَّ مِن مَّارِجٖ مِّن نَّارٖ [الرحمن: 15] الجان: جمع جنِّي، سُمُّوا بالجن لاجتنانهم أي: استتارهم عن الأنظار، ومنه سُمِّي الجَنين في بطن أمه لأنه لا يُرى، فهو مُجْتَنٌّ في بطن أمه، ومنه المِجن الذي يتَّخذ في الحرب يتوقَّى به المقاتل سهام العدو، سُمِّي مِجَنًّا لأنه يُجِنُّه من السهام، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «الصَّومُ جُنَّةٌ» ([1]) بمعنى: أنه ساتر بين العبد وبين المعاصي، يستتر به من المعاصي، ومن كيد الشيطان، ومنه قوله - تعالى -: ﴿فَلَمَّا جَنَّ عَلَيۡهِ ٱلَّيۡلُ رَءَا كَوۡكَبٗاۖ [الأنعام: 76] ﴿جَنَّ عَلَيۡهِ يعني: غطَّاه ظلام الليل.

فالحاصل؛ أن الجن عالم خفي، لا نراهم، وهم يعيشون معنا، وهم مكلَّفون كما كُلِّفنا بالأوامر والنواهي.

والإيمان بوجودهم من الإيمان بالغيب، تصديقًا لخبر الله سبحانه وتعالى وخبر رسوله صلى الله عليه وسلم، فوجود الجن ثابت بالكتاب والسنة والإجماع، ومن جحد وجود الجن فهو كافر؛ لأنه مكذِّب لله ولرسوله ولإجماع المسلمين، وهل كل ما لا يراه الإنسان يُنكر؟.

وقد ظهرت طائفة من جهلة الأطباء - كما يقول الإمام ابن القيّم -، وكذلك من بعض المفكِّرين والكُتَّاب المنتسبين للإسلام؛ ينكرون وجود الجن؛ لأنهم لا يؤمنون إلَّا بما تقرُّه عقولهم، وعقولهم لا تتَّسع للتصديق


الشرح

([1])  أخرجه: الترمذي رقم (2616)، والنسائي رقم (2224)، وابن ماجه رقم (3973).