×
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد الجزء الأول

وعن خَوْلَة بنتِ حكيم قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ نَزَلَ مَنْزِلاً، فَقَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ» ([1]) رواه مسلم.

****

 فقوله: «أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ» «كَلِمَاتِ اللهِ» المُراد، بها: كلامه سبحانه وتعالى المنزَّل على رسوله صلى الله عليه وسلم. والاستعاذة بالقرآن مشروعة، لأن القرآن كلام الله، فالاستعاذة بالقرآن استعاذة بصفة من صفات الله، وهي الكلام، وليست استعاذة بمخلوق.

واستدلَّ أهل السنَّة والجماعة بهذا الحديث على أن القرآن غير مخلوق؛ لأنَّه لا تجوز الاستعاذة بالمخلوق، فلو كان القرآن مخلوقًا - كما تقوله الجهمية والمعتزلة - لصار هذا من الاستعاذة بالمخلوق وهي شرك، كما دلَّ هذا الحديث على مشروعية الاستعاذة بالله عز وجل، وترك الاستعاذة بغيره سبحانه وتعالى.

وقوله: «التَّامَّاتِ» أي: الصادقات العادلات، التي لا يتطرَّق إليها نقص؛ لأن كلام الله سبحانه وتعالى كامل، لأن الله جل وعلا كامل وصفاته كاملة، وكلامه كامل لا يتطرَّق إليه النقص: ﴿لَّا يَأۡتِيهِ ٱلۡبَٰطِلُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَلَا مِنۡ خَلۡفِهِۦۖ تَنزِيلٞ مِّنۡ حَكِيمٍ حَمِيدٖ [فصلت: 42]، ﴿وَتَمَّتۡ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدۡقٗا وَعَدۡلٗاۚ لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَٰتِهِۦۚ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ [الأنعام: 115].فكلمات الله تامَّة، لا يتطرَّق إليها نقص بوجه من الوجوه، ولذلك كان القرآن الكريم كاملاً، لا يتطرَّق إليه نقص، واف بحوائج الناس، والحكم فيما بينهم، وإزالة الشكوك والشرك والكفر والإلحاد، وبيان


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2708).