الأحكام والعدل بين الناس، كل هذا في القرآن؛
لأنه كلام الله سبحانه وتعالى وفضل كلام الله على كلام غيره كفضل الله على غيره
سبحانه وتعالى.
فالحاصل أن الكتاب
والسنَّة قد دلاَّ على أن الاستعاذة عبادة، وما دام أنها عبادة، فالاستعاذة بغير
الله تكون شركًا أكبر يَخرج به صاحبه من الملَّة، فالذي يستعيذ بالجن أو بالشياطين
يكون كافرًا الكفر الأكبر، مشركًا بالله عز وجل كالذين يكتبون الحُجُب والطلاسم،
ويستعيذون بالشياطين وبِمَرَدَة الجن، ويكتبون أسماء الشياطين في كتاباتهم، وفي
طلاسمهم، وكذلك الذين ينادون الجن عند الشدَّة وعند الخوف هذا - أيضًا - كله من
الشرك الأكبر لأنه استعاذة بغير الله سبحانه وتعالى ومن هذا - أيضًا - من يستعين
بالجن عندما يتخاصم مع أحد فيقول: يا جن خذوه، افعلوا به كذا وكذا. وهذا شرك بالله
عز وجل إذا كان يقصد الاستعانة بهم.
وفي قوله تعالى: ﴿وَيَوۡمَ يَحۡشُرُهُمۡ جَمِيعٗا يَٰمَعۡشَرَ ٱلۡجِنِّ قَدِ ٱسۡتَكۡثَرۡتُم مِّنَ ٱلۡإِنسِۖ وَقَالَ أَوۡلِيَآؤُهُم مِّنَ ٱلۡإِنسِ رَبَّنَا ٱسۡتَمۡتَعَ بَعۡضُنَا بِبَعۡضٖ﴾ [الأنعام: 128]، قال العلماء في تفسير هذه الآية: «استمتاع الإنس بالجن: أنهم يستعيذون بهم مما يكرهون، ويطلبون منهم ما يريدون، فالجن تخدمهم، وتحضِّر لهم الغائب والبعيد، وتقضي بعض حوائجهم، لأن هناك أشياء لا يقدر عليها الإنس، فهم يستعيذون بالجن، ويستمتعون بالجن، بمعنى: أن الإنس يستخدمون الجن في بعض أمورهم، هذا استمتاع الإنس بالجن.