«يَا مَعْشَرَ
قُرَيْشِ «أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا» اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ لاَ أُغْنِي عَنْكُمْ
مِنَ اللهِ شَيْئًا».
****
وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلۡحِجَارَةُ ً﴾، وانظروا إلى قوله
تعالى: ﴿أَتَأۡمُرُونَ
ٱلنَّاسَ بِٱلۡبِرِّ وَتَنسَوۡنَ أَنفُسَكُمۡ وَأَنتُمۡ تَتۡلُونَ ٱلۡكِتَٰبَۚ
أَفَلَا تَعۡقِلُونَ﴾ [البقرة: 44]، فهذا من أعظم مناهج الدعوة.
لما نزلت عليه هذه
الآية الكريمة بادر عليه الصلاة والسلام بامتثال أمر الله، وصعِد على الصفا، الجبل
المعروف، وكونه «صعِد الصفا» فيه مشروعية أن يكون الخطيب والمبلغ على مُرْتَفَع من
أجل أن يراه الناس، ومن أجل أن يَبْلُغ صوته إلى الحاضرين والمستمعين.
فقال: «يَا مَعْشَرَ
قُرَيْشِ» المعشر: الجماعة، أي: يا جماعة قريش، يقال: إنهم من العشرة فأكثر، وقريش:
القبيلة المشهورة التي بُعث منها رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه صلى الله
عليه وسلم من بني هاشم، وبنو هاشم من قريش، صميم العرب، وجيران بيت الله العتيق.
«اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ» أي: افتدوها من عذاب الله، أنقذوها من عذاب الله. بماذا يشترون أنفسهم؟ يشترون أنفسهم بالدخول في الإسلام، وتوحيد الله عز وجل وترك عبادة ما سواه، هذا هو الذي يشترون به أنفسهم، فافتداء الإنسان نفسه من النار إنما يكون بطاعة الله، وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وبدون ذلك لا يمكن أن ينجوَ من عذاب الله، ولو قدَّم الأموال الطائلة، فمن مات على الكفر، فإنه لو قدَّم ملء الأرض من الذهب يشتري نفسه من النار لا يمكن هذا، لكن لو مات على التَّوحيد، وعلى العقيدة الصحيحة، فقد اشترى نفسه من النار، فلا نجاة من النار