وَيَا فَاطِمَةُ
بِنْتُ مُحَمَّدٍ؛ سَلِينِي مِنْ مَالِي مَا شِئْتِ، لاَ أُغْنِي عَنْكِ مِنَ
اللهِ شَيْئًا» ([1]).
****
الخسارة، ﴿مَآ
أَغۡنَىٰ عَنۡهُ مَالُهُۥ وَمَا كَسَبَ
٢ سَيَصۡلَىٰ نَارٗا ذَاتَ لَهَبٖ ٣ وَٱمۡرَأَتُهُۥ حَمَّالَةَ ٱلۡحَطَبِ ٤ فِي جِيدِهَا حَبۡلٞ مِّن مَّسَدِۢ ٥﴾ [المسد: 2- 5]، هذا عمُّ الرسول
صلى الله عليه وسلم، لكنه كان كافرًا، فلم ينفعه قرابته من الرسول صلى الله عليه
وسلم، وكذلك أبو طالب مع قُرْبِه من الرسول صلى الله عليه وسلم، وحمايته للرسول،
ودفاعه عنه، لما أبى أن يُسلم، وقال: «هُوَ عَلَى مِلَّهٍ عبد المطلب» وأراد النبي
صلى الله عليه وسلم أن يستغفر له، أنزل الله - تعالى -: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَن يَسۡتَغۡفِرُواْ
لِلۡمُشۡرِكِينَ وَلَوۡ كَانُوٓاْ أُوْلِي قُرۡبَىٰ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ
لَهُمۡ أَنَّهُمۡ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَحِيمِ﴾ [التوبة: 113]. وقوله تعالى: ﴿إِنَّكَ لَا تَهۡدِي مَنۡ
أَحۡبَبۡتَ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهۡدِي مَن يَشَآءُۚ﴾ [القصص: 56].
ثم قال: «يَا صَفِيَّةُ
عَمَّةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لاَ أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللهِ شَيْئًا»
مثل عمه العباس.
ثم خص أقرب من
هؤلاء، وهي بنته، التي هي بَضْعَة منه، فقال: «يَا فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ؛
سَلِينِي مِنْ مَالِي» يعني: اطلبي مني شيئًا أملكه وهو المال، أما النجاة من
النار فهذه لا أملكها: «لاَ أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللهِ شَيْئًا» أما
الآخرة، والنجاة من النار، والدخول في الجنة، فهذا إنما يُطلب من الله سبحانه
وتعالى ويحصل عليه بطاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم
انظروا كيف أن الرسول صلى الله عليه وسلم عمَّم أوَّلاً جميع قريش، ثم خصَّ عمه وعمَّته ثم خصَّ بنته، فهذا بيان واضح بأنه صلى الله عليه وسلم لا يملك النجاة والإنقاذ
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2602)، ومسلم رقم (206).