وعن النَّوَّاسِ
بنِ سَمْعَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا
أَرَادَ اللهُ تَعَالَى أَنْ يُوحِيَ بِالأَْمْرِ؛ تَكَلَّمَ بِالْوَحْيِ،
أَخَذْتِ السَّمَاوَاتُ رَجْفَةٌ أَوْ قَالَ: رِعْدَةٌ شَدِيدَةٌ خَوْفًا مِنَ
اللَّهِ عز وجل،
****
قوله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا
أَرَادَ اللهُ تَعَالَى أَنْ يُوحِيَ بِالأَْمْرِ» فهذا فيه: إثبات الإرادة
لله سبحانه وتعالى وهي صفة من صفاته، دلَّت عليها الآيات القرآنية، والأحاديث
النبوية؛ فالله جل وعلا له إرادة، وإرادته على نوعين:
إرادة كونية، بها
يخلق ويرزق، ويهدي ويضل، ويحيي ويميت.
وإرادة شرعية دينية
بها يأمر عباده بما يصلحهم وينهاهم عما يضرهم، مثل قوله تعالى: ﴿يُرِيدُ ٱللَّهُ
لِيُبَيِّنَ لَكُمۡ وَيَهۡدِيَكُمۡ سُنَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ وَيَتُوبَ
عَلَيۡكُمۡۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ ٢٦ وَٱللَّهُ يُرِيدُ أَن
يَتُوبَ عَلَيۡكُمۡ وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوَٰتِ أَن تَمِيلُواْ
مَيۡلًا عَظِيمٗا ٢٧﴾ [النساء: 26 - 27] ﴿يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلۡيُسۡرَ وَلَا
يُرِيدُ بِكُمُ ٱلۡعُسۡرَ﴾ [البقرة: 185]، هذه إرادة دينية،
كما فصَّل ذلك أهل العلم.
«أَنْ يُوحِيَ» الوحي هو: الإعلام
بسرعة وخفاء، وهو على نوعين: وحي إلهام ووحي إرسال.
وحي الإلهام: يكون بإلهام الله بعض المخلوقات ببعض الأمور مثل قوله - تعالى -: ﴿وَأَوۡحَىٰ رَبُّكَ إِلَى ٱلنَّحۡلِ﴾ [النحل: 68] أي: ألهمها، ومثل قوله - تعالى -: ﴿وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰٓ أُمِّ مُوسَىٰٓ أَنۡ أَرۡضِعِيهِۖ فَإِذَا خِفۡتِ عَلَيۡهِ فَأَلۡقِيهِ فِي ٱلۡيَمِّ﴾ [القصص: 7] ألهم الله أم موسى أن تعمل هذا العمل بولدها لما ولدته، وكان فرعون يقتِّل الذكور، فالله ألهمها أن تعمل هذا العمل من أجل نجاة موسى من هذا الجبار.