×
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد الجزء الأول

 المسألة الثالثة: وهي المسألة التي ساق المصنف هذا الحديث من أجلها، فيه: أن الملائكة يخافون من الله، ويسجدون له، فدلَّ على أنهم عباد محتاجون إلى الله سبحانه وتعالى فقراء إلى الله، فهذا يدل على بُطلان دعائهم من دون الله، واتخاذهم وسائط، وشفعاء عند الله عز وجل، الملائكة يشفعون، لكن لا يشفعون إلاَّ بإذن الله سبحانه وتعالى: ﴿وَكَم مِّن مَّلَكٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ لَا تُغۡنِي شَفَٰعَتُهُمۡ شَيۡ‍ًٔا إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ أَن يَأۡذَنَ ٱللَّهُ لِمَن يَشَآءُ وَيَرۡضَىٰٓ [النجم: 26]، فلا تحصل الشفاعة عند الله إلاَّ بشرطين: الإذن بالشفاعة، ورضاه عن المشفوع فيه، بأن يكون المشفوع فيه من أهل الإيمان، أما الكافر، فقال الله - تعالى - فيه: ﴿فَمَا تَنفَعُهُمۡ شَفَٰعَةُ ٱلشَّٰفِعِينَ [المدثر: 48]، ﴿مَا لِلظَّٰلِمِينَ مِنۡ حَمِيمٖ وَلَا شَفِيعٖ يُطَاعُ [غافر: 18]، وليس الله مثل ملوك الدنيا يشفع الشفعاء عندهم ولو لم يأذنوا، ويضَطَّرُّ الملوك إلى قبول الشفاعة من أجل تأليف الكلمة، ومن أجل حاجتهم للوزراء، أما الله جل وعلا فإنه غني عن عباده، ولا أحد يتقدَّم بالشفاعة عنده إلاَّ بإذنه، ومحمَّد صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق، في يوم القيامة في المحشر إذا تقدَّمت الخلائق إلى محمَّد تطلب منه الشفاعة لفصل القضاء، لا يشفع إلاَّ بعد أن يسجد لله عز وجل ويحمد الله بمحامد عظيمة، ويدعوه بدعاء، ثمَّ يقال له: يا محمَّدُ، ارفع رأسك، وسَلْ تُعطَ، واشفعْ تُشَفَّعْ؛ فالشفاعة ملك لله: ﴿قُل لِّلَّهِ ٱلشَّفَٰعَةُ جَمِيعٗاۖ [الزمر: 44]، وتُطلب الشفاعة من الله، تقول: اللهم شفِّع فيَّ نبيَّك محمَّدًا صلى الله عليه وسلم، اللهم شفِّع فيَّ عبادك الصالحين، تطلبها من الله، أما أن تقول: يا محمَّد اشفع لي، أو يا فلان اشفع لي، تطلبها من الميِّت؛ فهذا لا يجوز.


الشرح