فطلب الشفاعة من
القبور شرك أكبر، أما الحي فتُطلب منه الشفاعة بأن يطلب منه أن يدعو الله عز وجل
لمن احتاج إلى ذلك، أما الميت فلا يقدر على دعاء، ولا يطلب منه شيء.
هذا هو المقصود من
إيراد هذا الحديث، وهو بيان حالة الملائكة مع الله سبحانه وتعالى وأنهم يخافونه،
ويَصْعَقُون من هيبته سبحانه وتعالى ومن سماع كلامه، ويخرُّون لله سجَّدًا، فدلَّ
على أنهم عباد فقراء إلى الله، ليس بيدهم شيء إلاَّ ما أعطاهم الله سبحانه وتعالى
فلا تجوز دعوتهم من دون الله عز وجل وإذا كان هذا في حق الملائكة ففي حق غيرهم من
باب أولى وأحرى ممن هو دونهم.
المسألة الرابعة: فيه دليل على تعظيم
كلام الله، وتعظيم القرآن الكريم؛ لأنه كلام الله، ووحي من الله، فيجب تعظيمه،
والخشوع عند سماعه، والخوف مما فيه من الوعيد، والتهديد، والرجاء بما فيه من الوعد
الكريم، فكلام الله سبحانه وتعالى يكرم، ويُهاب، ويعظَّم، ليس مثل كلام المخلوقين،
وكذلك حديث الرسول صلى الله عليه وسلم يجلُّ ويعظم؛ لأنه وحي من الله عز وجل: ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ
ٱلۡهَوَىٰٓ ٣ إِنۡ هُوَ إِلَّا وَحۡيٞ يُوحَىٰ
٤﴾ [النجم: 3- 4]، فهو وحي من الله، وكلام رسوله صلى الله عليه
وسلم.
المسألة الخامسة: فيه فضل جبريل عليه الصلاة والسلام وأنَّه موكَّل بالوحي، وأن الملائكة كلهم يسألونه: ماذا قال ربنا؟، هذا دليل على فضله ومكانته عند الله عز وجل.