×
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد الجزء الأول

قال العلماء: إن أدلة علو الله على عرشه تبلغ ألف دليل أو أكثر من الوحي، ومن الفطرة، ومن الأدلة العقلية، وهذا ثابت لا شك فيه، ولا ينكره إلاَّ الملاحدة من الجهميَّة وغيرهم.

وقوله: «ضَرَبَتِ الْمَلاَئِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا» الملائكة من أعظم المخلوقات، لا يعلم عِظَم خِلْقة الملائكة إلَّا الله سبحانه وتعالى وإذا كانوا على هذه الحالة من العِظَم، ومع هذا لا تصلح عبادتهم من دون الله، فهم مع قوَّتهم وعِظَم خِلْقَتهم يخافون من الله سبحانه وتعالى إذا سمعوا كلامه ضربوا بأجنحتهم. وهذا فيه إثبات الأجنحة للملائكة، وهي ثابتة بالقرآن كما في قوله - تعالى -: ﴿جَاعِلِ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ رُسُلًا أُوْلِيٓ أَجۡنِحَةٖ [فاطر: 1].

«خُضْعَانًا» هذا مفعول لأجله، يعني: لماذا ضربوا بأجنحتهم؟، لأجل الخضوع لله. خضَعانًا أي: خُضُوعًا لله تعالى، وتعظيمًا له، وخوفًا منه عز وجل.

فإن كانت هذه حالتهم فلا يجوز أن يُعْبَدوا مع الله: ﴿لَّن يَسۡتَنكِفَ ٱلۡمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبۡدٗا لِّلَّهِ وَلَا ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ ٱلۡمُقَرَّبُونَۚ [النساء: 172]، قال - تعالى - في حقهم: ﴿وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱلرَّحۡمَٰنُ وَلَدٗاۗ سُبۡحَٰنَهُۥۚ بَلۡ عِبَادٞ مُّكۡرَمُونَ ٢٦ لَا يَسۡبِقُونَهُۥ بِٱلۡقَوۡلِ وَهُم بِأَمۡرِهِۦ يَعۡمَلُونَ ٢٧ [الأنبياء: 26 - 27] يعني: الملائكة ﴿وَهُم بِأَمۡرِهِۦ يَعۡمَلُونَ [الأنبياء: 27]

«خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ» أي: لقول الله سبحانه وتعالى، فيه إثبات القول لله، وإثبات الكلام لله جل وعلا، وأنه يتكلَّم كما يليق بجلاله سبحانه وتعالى كلامًا يُسمع، تسمعه الملائكة، ويسمعه جبريل، وإذا سمعه الملائكة أصابهم هذا الرُّعب والخوف من الله.


الشرح