بحاجة إلى من يبلِّغه عن أحوال خلقه؛ لأنَّه
يعلم كل شيء، وليس بحاجة إلى من يؤثر عليه ويعطفه؛ لأنَّه بعباده رؤوف رحيم، يريد
لهم الخير، ويريد لهم الإعانة، ويحب العفو والمغفرة، ويجود على خلقه بدون أن يؤثر
عليه أحد أو يتوسط عنده أحد، فهذه الأمور كلها منتفية، وبذلك بطلت حجة المشركين،
وتبيَّن أن فعلهم هذا هو الشرك، سماه الله شركًا في قوله تعالى: ﴿وَيَعۡبُدُونَ
مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ وَيَقُولُونَ
هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ﴾ [يونس: 18]، ﴿وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ﴾ هذا هو الشرك، وفي
الآية الأخرى: ﴿وَٱلَّذِينَ
ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَ مَا نَعۡبُدُهُمۡ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَآ
إِلَى ٱللَّهِ زُلۡفَىٰٓ﴾ [الزمر: 3]، ثمَّ توعدهم بقوله: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ يَحۡكُمُ بَيۡنَهُمۡ فِي مَا هُمۡ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَۗ
إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي مَنۡ هُوَ كَٰذِبٞ كَفَّارٞ﴾ [الزمر: 3] فسمَّى فعلهم هذا
كذبًا وسماه كفرًا، بل سماه مبالغة في الكفر؛ لأن كفَّار صيغة مبالغة، فالذي يفعل
هذا قد بلغ غاية الكفر، وأعظم الكفر - والعياذ بالله -.
وفي هذه الآية يقول: ﴿قُلِ ٱدۡعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ لَا يَمۡلِكُونَ مِثۡقَالَ ذَرَّةٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا لَهُمۡ فِيهِمَا مِن شِرۡكٖ وَمَا لَهُۥ مِنۡهُم مِّن ظَهِيرٖ ٢٢ وَلَا تَنفَعُ ٱلشَّفَٰعَةُ عِندَهُۥٓ إِلَّا لِمَنۡ أَذِنَ لَهُۥۚ حَتَّىٰٓ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمۡ قَالُواْ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمۡۖ قَالُواْ ٱلۡحَقَّۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡكَبِيرُ ٢٣﴾ [سبأ: 22 - 23] هذه الآية والتي بعدها يقول العلماء عنها: إنها قطعت عروق الشرك من أصله.