أما قوله - تعالى -: ﴿قُلِ﴾ هذا أمر لرسوله محمَّد صلى الله عليه وسلم بأن يقول
لهؤلاء الذين يدعون الملائكة وغيرهم من دون الله ويزعمون أنهم يشفعون لهم عند الله
بغير إذنه سبحانه وتعالى قل لهم يا أيها الرسول، بلِّغهم، أخبرهم، بيِّن لهم.
﴿ٱدۡعُواْ﴾ هذا أمر توبيخ وتعجيز؛ لأن الأمر يأتي - أحيانًا - للتَّوبيخ والتعجيز، لا
لطلب الشيء أو تشريع الشيء، كما في قوله: ﴿فَمَن شَآءَ فَلۡيُؤۡمِن وَمَن شَآءَ فَلۡيَكۡفُرۡۚ﴾ [الكهف: 29]، ليس هذا أمرًا
بالكفر، وإنما هذا أمر توبيخ وتهديد، وإلَّا فالله سبحانه وتعالى لا يأمر بالكفر،
وإنما ﴿فَلۡيَكۡفُرۡۚ﴾معناه أمر تهديد
وتوبيخ وقد يكون الأمر للتعجيز ﴿ٰمَعۡشَرَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ إِنِ ٱسۡتَطَعۡتُمۡ أَن تَنفُذُواْ مِنۡ
أَقۡطَارِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ فَٱنفُذُو﴾ [الرحمن: 33] هذا أمر تعجيز.
﴿ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُم﴾ هذا فيه رد عليهم وذلك؛ لأنهم لم يبنوا فعلهم هذا على دليل من الشرع النازل من عند الله، الله لم يشرع دعاء غيره أبدًا، وإنما أمر بدعائه وحده لا شريك له، فمن دعا غيره فهذا زعم منه، والزعم باطل، وكذلك لم يعتمدوا على دليل عقلي فطري، لأن العقل يدل على أن العبادة لا تكون إلَّا لمستحقها وهو الله سبحانه وتعالى، أما العبد الفقير العاجز، فإنه لا يستحق العبادة، هذا دليل العقل مع دليل الشرع بأن العبادة والدعاء لا يصلحان إلَّا لله سبحانه وتعالى والزعم معناه: الكذب، دلَّ على أنهم كاذبون في عملهم هذا؛ لأنَّه إذا لم يكن عليه دليل فهو كذب.