بين يدي ربه عز وجل
ويفتح الله عليه بمحامد، فلا يزال ساجدًا حتى يقال له: «يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ
رَأْسَكَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ» ([1])، هذا فيه أن الرسول
لا يشفع ابتداءً، وإنما يشفع بعد الاستئذان، بعد أن يخر ساجدًا لله، ولا يشفع
إلَّا بعد أن يؤذن له، ويقال: اشفع تشفَّع، ثمَّ يشفع في أهل الموقف، فيحاسبون،
ثمَّ ينصرفون من الموقف إما إلى الجنة وإما إلى النار.
هذه الشفاعة العظمى،
وهي المقام المحمود الذي قال - تعالى - فيه: ﴿عَسَىٰٓ أَن يَبۡعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامٗا مَّحۡمُودٗا﴾ [الإسراء: 79]؛ لأنَّه يحمده عليه الأولون والآخرون عليه الصلاة والسلام، وهذه لم يخالف
فيها أحد.
النوع الثاني: شفاعته صلى الله
عليه وسلم لأهل الجنة في أن يدَّخلوا الجنة.
النوع الثالث: شفاعته صلى الله
عليه وسلم في بعض أهل الجنة في رِفعة درجاتهم في الجنة.
النوع الرابع: شفاعته صلى الله عليه وسلم في عمَّه أبي طالب، وذلك أن أبا طالب كانت مواقفه مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وتأييده له، وحمايته من أذى قومه، كلها معروفة، وأنه صبر معه على الأذى وعلى الحصار والضِّيق، فهو بذل مع الرسول صلى الله عليه وسلم شيئًا عظيمًا من الحماية والنُّصرة والدفاع عنه، وهذا من تسخير الله سبحانه وتعالى وتيسير الله، حيث سخَّر هذا الكافر لحماية النبي صلى الله عليه وسلم، وحرص النبي صلى الله عليه وسلم على هدايته، ودخوله في الإسلام، حتى إنه زاره وهو يُحتَضَرُ، وقال له: «يَا عَمِّ، قُلْ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا
([1]) أخرجه: البخاري رقم (7002)، ومسلم رقم (193).